الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا تمنع المرأة في ثلاث من أن تخرج فتعمل أو تسأل ، فإن لم يجد نفقتها خيرت كما وصفت في هذا القول " . قال الماوردي : إذا أمهلت الزوجة بالفسخ ثلاثا كان لها الخروج من منزلها لتكتسب نفقتها بعمل أو مسألة ولم يكن للزوج منعها مع تعذر النفقة عليه : لأنه لا قوام لبدنها إلا بما يقوتها ، فلو وجدت من المال ما تنفقه وأمرها بالمقام للإنفاق منه لم يلزمها وجاز لها الخروج لتكسب : لأنه لما تعذر عليها اكتساب النفقة من الزوج جاز لها أن تكتسبها بعمل من غير زوج فلو قدرت على اكتساب النفقة في منزلها بغزل أو خياطة فأرادت الخروج للتكسب بعمل في غير منزلها كان ذلك لها ؛ لأنه لا يستحق الحجر عليها في أنواع الكسب ، هذا في النهار فأما الليل فعليها أن ترجع فيه إلى منزل الزوج ؛ لأنه زمان الإيواء دون العمل والاكتساب ، فإن أراد الاستمتاع بها في زمان الإنظار استحقه ليلا : لأنه زمان الدعة ، ولم يستحقه نهارا ؛ لأنه زمان الاكتساب ، فإن امتنعت عليه في النهار لم يجر عليها حكم النشوز ، وكانت على حقها من استحقاق النفقة ، وإن امتنعت عليه في الليل صارت ناشزا ولا نفقة لها ، وهكذا حكمها إذا رضيت بالمقام معه على إعساره مكنها من الاكتساب نهارا واستمتع بها ليلا وكانت النفقة دينا عليه يؤخذ بها بعد إيساره ، فإن قيل : فهل إذا سقط حقه من الاستمتاع بها نهارا أن تسقط عنه نفقتها كما تسقط نفقتها لو كانت أمة فاستخدمها بالنهار سيدها ، قيل : لأن منع الأمة من جهتها فجاز أن تسقط به نفقتها ومنع المعسر من جهته فلم تسقط به نفقتها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية