الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كان الزوج ميتا سمعت الدعوى على وارثه ، وإن كان واحدا أو على جماعتهم إن كانوا عددا ، فإن كان واحدا وصدقها كان كتصديق الزوج في ثبوت ما ادعته من المهر والنفقة ، ولحوق نسب الولد ، ولها الميراث . فأما ميراث الولد فينظر في الوارث المصدق فإن كان ممن لا يحجب بالولد كالابن ورث الولد المستحق ، وإن كان ممن يحجب به كالأخ ثبت فيه نسب الولد ، ولم يرث لما في توريثه من حجب المقر وإبطال إقراره بحجبه ، وإن أنكر الوارث ما ادعته حلف على العلم ، وإن كانت يمين الزوج على البت ؛ لأن الزوج ينفي بيمينه فعل نفسه فحلف على البت والوارث ينفي يمينه فعل غيره فحلف على العلم ، فإن حلف أو نكل كان كالزوج إن حلف أو نكل وقام فيها مقام الزوج إلا في شيئين : أحدهما : في صفة اليمين فإنها من الزوج على البت ومن الوارث على العلم . والثاني : في نفي الولد باللعان إن ثبت نسبه فإن للزوج نفيه وليس للوارث نفيه وإن كان الورثة جماعة سمعت الدعوى على جميعهم ولهم فيها ثلاثة أحوال : أحدها : أن يصدقوها جميعا عليها فيكون كتصديق الواحد لها في لحوق النسب واستحقاق الميراث مع المهر والنفقة . والحال الثانية : أن يكذبوها جميعا فعليهم اليمين فإن حلفوا أو نكلوا كانوا كالواحد إذا حلف أو نكل . والحال الثالثة : أن يصدقها بعضهم ويكذبها بعضهم فاللمكذب حالتان : أحدهما : أن يحلف . والثانية : أن ينكل . فإن حلف انتفى نسب الولد ؛ لأنه لا يثبت بتصديق بعض الورثة ولم يلزم المكذب مهرا ، ولا نفقة ، ولا ميراثا ، فأما المصدق فيلزمه المهر ، والنفقة بقدر حقه ، ولا يلزمه من ميراث الابن شيء وفي التزامه من ميراث الزوجة بقسطه وجهان ذكرناهما في كتاب الإقرار ، وإن نكل المكذب عن اليمين ردت على الزوجة ، فإن حلفت ثبت ما ادعت وصار كما لو صدقها جميعهم في ثبوت النسب واستحقاق الميراث مع المهر ، والنفقة ، وإن نكلت كان نكولها في حقها كما لو حلفت المكذب فلا تستحق في حصته شيئا وتستحق على المصدق من المهر والنفقة بقدر حقه ، وفي ميراثه بقدر حقه وجهان : فأما في حق الولد ، فهل يوجب نكولها عن اليمين وقوفها على بلوغ الولد أم لا ؟ على ما ذكرنا من الوجهين : [ ص: 211 ] أحدهما : لا يوقف فعلى هذا يثبت نسبه ، ولا يرث ، ولا يؤثر فيه تصديق من صدق مع تكذيب من كذب . والوجه الثاني : توقف عليه ، فإن حلف ثبت نسبه ، وورث من صدق وكذب ، وإن نكل لم يثبت نسبه ولم يرث من حق من صدق وكذب ، فهذا حكم المسألة إن كانت دعواهما لرجعة أو نكاح . فأما إن كانت لواطئ شبهة فإنها تقصر عن دعوى الرجعة والعقد في حقين : أحدهما : ميراثها فإن الموطوءة بشبهة لا ميراث لها . والثاني : في النفقة فإن الموطوءة بشبهة لا نفقة لها إن كانت حاملا ، وفي نفقتها إن كانت حاملا قولان ، وهي فيما سوى هذين من لحوق النسب واستحقاق مهر المثل على ما مضى تقسيما وحكما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية