الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : قال المزني : " وقال في موضع آخر : لو قال لامرأته : كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدين بينهما سنة طلقت بالأول وحلت للأزواج بالآخر ولم نلحق به الآخر ؛ لأن طلاقه وقع بولادتها ثم لم يحدث لها نكاحا ولا رجعة ولم يقر به فيلزمه إقراره فكان الولد منتفيا عنه بلا لعان وغير ممكن أن يكون في الظاهر منه ( قال المزني ) رحمه الله : فوضعها لما لا يلد له النساء من ذلك أبعد وبأن لا يحتاج إلى لعان به أحق " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذه مسألة أوردها المزني احتجاجا بما ذكره من الغلط في النقل عن الشافعي ، ونحن نذكر فيه هذه المسألة ، وقد تقدم الجواب عن الغلط في النقل ، فنقول : إذا قال لامرأته : كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدين ، فإن كان بينهما أقل من ستة أشهر فهما من حمل واحد ؛ لأن أقل الحمل إذا كان ستة أشهر كان المولود قبلها متقدم العلوق على ولادة الأول فصارا حملا واحدا ، وإذا كانا حملا واحدا لحق به جميعا وطلقت بالأول وانقضت عدتها بالثاني ولم تطلق به ؛ لأن الولادة بعد الطلاق تنقضي بها العدة فلم يقع الطلاق بما انقضت به العدة ؛ لأنه يكون طلاقا بعد العدة ، وإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر فالطلاق الواقع بالأول في هذه المسألة رجعي ، [ ص: 209 ] ولو كان بائنا لم يلحق به الثاني : لأنه من حمل حادث بعد وضع الأول الذي صارت به مبتوتة ، وكانت بمنزلة المعتدة بالأقراء إذا ولدت لأكثر من أربع سنين ، فإذا كان الطلاق الواقع بولادة الأول في هذه المسألة رجعيا ، وولدت الثاني لستة أشهر فصاعدا ففي لحوق الثاني به قولان كالمعتدة بالأقراء إذا كانت رجعية وولدت لأكثر من أربع سنين : أحدهما : لا يلحق به كالمبتوتة . والثاني : يلحق به ، وفي تقدير مدته وجهان على ما مضى : أحدهما : لا تتقدر واعتباره بأن لا يتزوج . والثاني : أن تتقدر بمدة العدة على ما ذكرنا من ولادة ذات الأقراء ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية