الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " وإن علمنا أن طهر امرأة أقل من خمسة عشر جعلنا القول فيه قولها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن أقل الطهرين الحيضتين خمسة عشر يوما اعتبارا بأقل الوجود المعتاد ، لأن ما لم يتقدر بالشرع واللغة تقدر بالعرف والعادة كالقبض والتفرق ، فلو وجدنا طهرا معتادا كان أقل من خمسة عشر يوما انتقلنا إليه وعمل عليه ، وذلك يكون بأحد وجهين : إما أن يتكرر طهر المرأة الواحدة مرارا متوالية أقلها ثلاث مرار من غير مرض ولا عارض ، فإن تفرق لم يصر عادة . وإما بأن يوجد مرة واحدة من جماعة نساء أقلهن ثلاث نسوة ، وهل يراعى أن يكون ذلك في فصل واحد من عام واحد أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : يراعى وجود ذلك منهن في فصل واحد من عام واحد ، فإن اتفق عليه في فصلين من عام واحد أو فصل واحد من عامين لم يصر عادة معتبرة ليكون اختلاف طباعهن مع اتفاق زمانهن شاهدا على صحة العادة احتياطا لها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن ذلك غير معتبر ، وإن اختلف في الفصول والأعوام جاز وصار عادة ليكون أنفى للتواطؤ وأبعد من التهمة ولا يقبل ذلك إلا من نساء ثقات تجوز شهادتهن لما فيه من إثبات حكم شرعي ، ولا يقبل خبر المعتدة معهن في حق نفسها لتوجه التهمة إليها ، وفي قبولها في حق غيرها وجهان : أحدهما : لا يقبل لرده بالتهمة . والثاني : لا تقبل ، لأنها ثقة فإذا انتقلنا في أقل الطهر عن الخمسة عشر إلى ما هو أقل في أحد الوجهين المذكورين واعتدت المعتدة انقضاء عدتها بالطهر الأقل قبل قولها فيما نقضي عنها ، وإلى وقتنا من هذا الزمان لم يستمر طهر نقضي عنها فلا يقبل فيه قول ، وإن لم ينتقل عن الخمسة عشر بأحد الوجهين لم يقبل قولها معتدة والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية