الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الضرب الثاني : وهو إذا عقدها بعتق أو طلاق وجعلناه موليا بهما على قوله في الجديد فإذا قال لإحدى زوجتيه إن وطئتك فأنت طالق أو فعبدي حر ، ثم قال للأخرى وأنت شريكتها ، سئل عن إرادته وله في الإرادة أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يقول : أردت بقولي أنت شريكتها ، أنني متى وطئت الثانية مع الأولى ، فالأولى طالقة فهذا يكون موليا من الأولى دون الثانية ولا تكون الثانية شريكة للأولى ، ولا يكون وطؤها شرطا في طلاق الأولى : لأنه علق طلاق الأولى بشرط واحد وهو وطؤها فلم يجز أن يضم إليه شرطا ثانيا بوطء الثانية ، لما فيه من رفع حكم الشرط الأول بعد انعقاد ، ألا تراه لو قال : إن كلمت زيدا فأنت طالق ، ثم قال : وإن دخلت الدار يريد أن طلاقها لا يقع بكلام زيد حتى تدخل الدار ، لم يثبت الشرط الثاني ، وتعلق الطلاق بوجود الشرط الأول .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يقول : أردت بقولي : أنت شريكتها أنني متى وطئت الأولى فهي طالق مع الثانية فهذا يكون موليا من الأولى على ما كان عليه قبل مشاركة الثانية لها وحالفا بطلاق الثانية ، ولا يكون موليا منها ، لأنه علق طلاقها بوطء الأولى لا بوطئها .

                                                                                                                                            [ ص: 365 ] والحال الثالثة : أن يقول أردت بقولي : وأنت شريكتها أنني متى وطئت الأولى والثانية فهما طالقان فقد زاد بهذا شرطا ثانيا في طلاق الأولى ، فلم يثبت وكان طلاقها معلقا بالشرط الأول وهو وطؤها والشرط الثاني وهو وطء الثانية لغو في طلاق الأولى ، ثم قد علق طلاق الثانية بشرطين :

                                                                                                                                            أحدهما : وطء الأولى .

                                                                                                                                            والثاني : وطء الثانية ، فلا يكون موليا من الثانية ما لم يطأ الأولى لأنه يقدر على وطء الثانية ، ولا يقع طلاقها فإذا وطئ الأولى صار حينئذ موليا من الثانية لأنه متى وطئها طلقت .

                                                                                                                                            والحالة الرابعة : أن يقول أردت بقولي وأنت شريكتها أنني متى وطئتك فأنت طالق ، كما أنني متى وطئت الأولى كانت طالقا ، فهذا يكون موليا من الثانية لأنه متى وطئها وحدها طلقت ، والفرق بين أن يجعلها شريكتها في هذه الحالة الرابعة فيكون موليا إذا كانت يمينه بالطلاق ، ولا يكون فيها موليا إذا كانت يمينه بالله تعالى ما قدمناه من أن هذا كناية تنعقد بها اليمين بالطلاق ، ولا تنعقد به اليمين بالله تعالى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية