قال الماوردي : أصل هذا اختلاف الفقهاء في يؤخذ بحكم الإيلاء على ثلاثة مذاهب : المدة التي يصير بها موليا
أحدها : أنه يكون موليا إذا حلف على الامتناع من وطئها في أي زمان كان قل أو كثر ، وهذا مذهب الحسن البصري وابن أبي ليلى : لأنها يمين تمنعه من الوطء فأشبه الزمان المقدر .
والثاني : أن لا يكون موليا حتى يحلف على الامتناع من وطئها على الأبد ، فإن قدر ذلك بزمان وإن طال لم يكن موليا ، وهذا مذهب ابن عباس : لأنه إذا قدره بزمان قدر على الخلاص بمضي الزمان من غير ضرر فلم يصر موليا كما لو حلف على الامتناع من وطئها في مكان دون مكان .
والثالث : أن مدة الإيلاء تقدر بزمان لا يكون موليا في أقل منه ويكون موليا في أكثر منه وذلك أربعة أشهر مدة التربص التي ضربها الله تعالى للمولي أجلا وهذا مذهب الشافعي رضي الله عنه ، ومالك وأبي حنيفة رحمه الله : لأنها أكثر المدة التي يصبر النساء فيها عن الرجال ، وحكي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف ذات ليلة بالمدينة ليعرف أحوال ذوي الحاجات فمر بدار فسمع فيها صوت امرأة تقول :
ألا طال هذا الليل وازور جانبه وليس إلى جنبي خليل ألاعبه فوالله لولا الله لا شيء غيره
لزعزع من هذا السرير جوانبه مخافة ربي والحياء يكفني
وأكرم زوجي أن تنال مراكبه
[ ص: 340 ]