فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من أخذه بالبيان ، فإن كان معينا لم يخل حال بيانه من أحد أمرين . إما أن يكون بالقول أو بالوطء فإن بين بالقول صح ، وهو في بيانه بين أمرين ، إما أن يبين المطلقة منهما فتبين بها زوجته الأخرى ، كقوله وهما حفصة وعمرة : المطلقة هي حفصة فيعلم أن عمرة زوجته ، أو يبين الزوجة منهما ، فيعلم أن الأخرى هي مطلقة ، كقوله عمرة هي الزوجة فيعلم أن حفصة هي المطلقة ولكن لو كن ثلاثا كان أنجز البيانين بيان المطلقة ، فيقول حفصة هي المطلقة ، فيعلم ببيان طلاقها أن من سواها من الآخرتين زوجتان ، ولو قال حفصة زوجة احتاج إلى بيان ثان في الآخرتين ، إما بأن يبين المطلقة منهما فتكون الأخرى زوجة وإما أن يبين الزوجة منهما فتكون الأخرى مطلقة ، فهذا حكم بيانه بالقول ، فأما بيانه بالوطء وهو أن يطأ إحداهما ، فلا يكون وطئه بيانا لزوجته الموطوءة ، ولتعيين الطلاق في الأخرى ، فإن قيل فهلا كان الوطء بيانا كما لو قال : باع [ ص: 281 ] أمته بشرط الخيار ، ثم وطئها البائع في زمان خياره كان وطؤه بيانا لفسخ البيع ، لأنه لا يطأ إلا في ملك ، فكذلك لا يطأ إلا زوجة . قيل : الفرق بينهما أن الطلاق لا يقع إلا بالقول دون الفعل ، فلم يصح منه بيانه ، والملك يصح ويثبت بالقول والفعل فصح فسخه في البيع بالقول والفعل . لم تخل المبينة من أن يكون طلاقها معينا أو مبهما مرسلا ،
فإذا ثبت أنه لا يكون بالوطء مبينا عن الطلاق ، سئل عن بيان المطلقة قولا ، فإن بين المطلقة عن الموطوءة صار واطئا لزوجته ، وكان الطلاق واقعا من وقت اللفظ دون البيان ، وإن بين أن المطلقة هي الموطوءة صار واطئا لأجنبية ، وكان عليه الحد ، إن علم دونها ، لأنها لم تعلم وعدتها من وقت اللفظ دون البيان ، وسواء كان الوطء في زمان العدة أو بعد انقضائها إذا كان الطلاق ثلاثا ، ولا عدة عليها من الوطء إن حد ، لأنه زنا ، واعتدت منه إن لم يحد ، لأنه شبه .