فصل : وإن كان الطلاق مبهما ، لم يعتبر في واحدة منهما ، وأرسل نيتهما كان مخيرا في إيقاعه على أيتهما شاء وأخذ بتعيينه ، فإن عينه بالقول صح ، فإن عينه بالوطء فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي وأكثر أصحابنا ، والظاهر من مذهب الشافعي أنه يصح تعيينه كما يصح به فسخ المبيعة ، ويكون الفرق بين الطلاق المعين ، حيث لم يكن الوطء فيه بيانا ، وبيان حيث صار الوطء فيه بيانا ، أن الطلاق المعين لا خيار في تعيينه ، فلم يكن اختياره للوطء تعيينا ، والطلاق المبهم له الخيار في تعيينه ، فجاز أن يكون اختياره للوطء تعيينا . الطلاق المبهم
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، والظاهر من مذهب الشافعي ، أنه لا يصح تعيينه بالوطء وإن صح بالوطء فسخ البيع لما ذكرنا من الفرق بينهما ، فإذا جعلنا الوطء تعيينا للطلاق ، كانت الموطوءة زوجة وصار الطلاق واقعا على غير الموطوءة . وإذا لم نجعل الوطء تعيينا للطلاق ، أخذ بتعيينه قولا واحدا ، وهل يلزمه تعيينه في غير الموطوءة أو يكون على خياره في تعيينه في أيتهما المطلقة على وجهين :
أحدهما : يلزمه تعيينه بالقول في غير الموطوءة ليكون الوطء لزوجته .
والوجه الثاني : أن يكون على خياره في تعيينه في أيتهما شاء ، كما لو كان مخيرا لو لم يطأ فعلى هذا إن عينه في غير الموطوءة تعين فيها ، وكانت الموطوءة زوجته ، وإن عينه في الموطوءة تعين فيها ، وهل يكون الطلاق واقعا بهذا التعيين ، أو يكون واقعا باللفظ المقدم : على وجهين :
[ ص: 282 ] أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن الطلاق يقع في التعيين وتكون المعينة قبل التعيين وبعد التلفظ بالطلاق زوجته .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أن الطلاق يقع باللفظ المتقدم ، وأن الوطء صادفها وهي غير زوجة ، غير أنه لا حد عليه بحال ، لأنها كانت جارية في حكم الزوجات لتخييره تعيين الطلاق في غيرها ، فعلى هذا إن قيل : إن الطلاق يقع بالتعيين المتأخر ، فالعدة من وقت التعيين ، وإن قيل : إن الطلاق يقع باللفظ المتقدم ففي العدة وجهان :
أحدهما : أنها من وقت الطلاق المتقدم لا من العدة بتعقب الطلاق .
والوجه الثاني : أن العدة من وقت التعيين المتأخر ، وإن تقدم الطلاق اعتبارا بالتغليظ في الأمرين .