الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو كاتبته ، لم يحنث : لأن الكتابة لا تكون كلاما ، وإن قامت في الإفهام مقام الكلام ، وهكذا لو راسلته لم يحنث : لأن الرسول هو المتكلم دونها ، وإن كان مبلغا عنها ، ولو أشارت إليه بالكلام إشارة فهم بها مرادها ، فإن كان ناطقا سميعا ، لم يحنث بإشارتها إليه ، قال الله تعالى : آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا [ مريم : 10 ، 11 ] فلم يجعل الإشارة كلاما ، وإن قامت مقامه في الإفهام ، وإن كان زيد أصم لا يسمع الكلام إلا بالإشارة ففي حنثه ، بإشارتها إليه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يحنث : لأن الإشارة ليست كلاما .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يحنث : لأنه هكذا يكلم الأصم ، ولو كلمت رجلا آخر كلاما سمعه زيد : لم يحنث : لأنها مكلمة لغيره ، ولو كلمت الحائط كلاما لم يسمعه إلا زيد ففي حنثه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يحنث كما لو كلمت غيره فسمعه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يحنث : لأن الحائط لا يكلم ، فصار الكلام متوجها إلى من يجوز أن يكلم ولو سلمت على جماعة وفيهم زيد فإن لم تعزله بنيتها حنث ، وإن عزلته بنيتها ففي حنثه وجهان . [ ص: 217 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية