مسألة : قال الشافعي : " ولو قال إذا مضت سنة وقد مضى من الهلال خمس لم تطلق حتى تمضي خمس وعشرون ليلة من يوم تكلم وأحد عشر شهرا بالأهلة وخمس بعدها " . [ ص: 197 ] قال الماوردي : إذا فهو معتبر بالسنة الهلالية ، التي هي اثنا عشر شهرا بالأهلة ، بكمال الشهور ونقصانها ، لأن الشهر ما بين الهلالين كاملا كان أو ناقصا ، فإن كمل فهو ثلاثون يوما ، لا يزيد عليها ، وإن نقص فهو تسعة وعشرون يوما لا ينقص منها ، والأغلب من السنة الهلالية أنها ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما ، وربما نقصت يوما أو زادت يوما ، وقال قال لامرأته إذا مضت سنة فأنت طالق أبو حنيفة : لا اعتبار فيها بالأهلة ، وهى مقدرة بثلاثمائة وستين يوما لأنها أيام السنة عرفا ، وهذا خطأ لقول الله تعالى : يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج [ البقرة : 189 ] فلم يجعل الله تعالى لأهل الإسلام علما إلا بها ، وقد يكمل ما بين الهلالين تارة وينقص أخرى ، فوجب أن يكون الاعتبار باثني عشر شهرا منها ، لقوله تعالى : إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا .
ولأنه لما كان ما يقدر بالشهور ، لا يراعى فيه كمال الأيام ، وجب فيما تعلق بالسنين لا يراعى فيه كمال الشهور .
فإذا ثبت هذا ، لم يخل حال الوقت الذي عقد فيه هذا الطلاق من أحد أمرين .
إما أن يكون في أول شهر ، أو قضاء عينه ، فإن كان في أول شهر ومع رأس هلاله ، اعتبرت اثنا عشر شهرا بالأهلة ، فإذا طلع هلال الشهر الثالث عشر ، فقد انقضت السنة ، ووقع الطلاق ، وإن كان في قضاء عين شهر ، كأنه قال هذا وقد مضى من الشهر خمسة أيام ، فلا يخلو أن يكون هذا الشهر كاملا ، أو ناقصا ، فإن كان كاملا ، وباقيه خمس وعشرون يوما ، فإذا مضى بقية الشهر وأحد عشر شهرا بالأهلة ، ومضى من الشهر الثالث عشر خمسة أيام ، فقد تمت السنة ، ووقع الطلاق ، وإن كان الشهر الأول ناقصا ، وباقيه أربعة وعشرون يوما ، كان انقضاء السنة بأن يمضي من الشهر الثالث عشر ستة أيام ، اعتبارا بكمال الشهر الأول ، وإن لم يعتبر كمال غيره من الشهور ، لأن فوات هلاله يوجب اعتبار كماله كالصوم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين .
فلو مضت منه لم يلزمه الطلاق إلا بعد عشر من الشهر الثالث عشر ، اعتبارا باليقين في بقاء الزوجية ولأن الطلاق لا يقع بالشك . شك في وقت عقده لهذا الطلاق ، هل كان في أول الشهر ، أو بعد عشر
وهل يحرم عليه في هذا الشهر وطئها ، وإن لم يقع فيه طلاقها ؟ على وجهين :
أحدهما وهو الأظهر : أن وطأها لا يحرم ، لأن الطلاق فيها لم يقع .
والوجه الثاني : أن وطأها يحرم للشك في استباحتها ، كما لو اشتبهت زوجته بأجنبية . [ ص: 198 ]