مسألة : قال المزني : " وقال في الإملاء على مسائل مالك : وإن ملك أمرها غيرها فهذه وكالة متى أوقع الطلاق وقع ومتى شاء الزوج رجع " . [ ص: 178 ] قال الماوردي : وهذا كما قال جائزة ، لأن والوكالة في الطلاق طلقها وكيل زوجها ، بمشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمضاه ، ولأنه لما جازت الوكالة في النكاح مع تغليظ حكمه كان جوازها في الطلاق أولى ، فإذا وكل رجلا عاقلا جاز ، سواء كان حرا أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، ولا يجوز أن يوكل مجنونا ولا صغيرا ، لأنه لا حكم لقولهما ، وفي جواز توكيله لامرأة وجهان مضيا في الخلع ، ثم الوكالة على ضربين : فاطمة بنت قيس
أحدهما : أن تكون مطلقة وهو أن فله أن يطلقها على الفور والتراخي بخلاف ما لو ملكها الطلاق لنفسها ، لأن هذه نيابة وذاك تمليك ، فإن ذكر له من الطلاق عددا لم يتجاوزه ، فلو قال له : طلقها ثلاثا فقال لها : أنت طالق ثلاثا ، طلقت ثلاثا ، ولو يقول : قد وكلتك في طلاق زوجتي فلانة ، فيه وجهان : قال لها : أنت طالق ونوى أن يكون ثلاثا
أحدهما : تطلق ثلاثا ، لأن نية الثلاث تقوم مقام التلفظ بالثلاث .
والوجه الثاني : لا تطلق ثلاثا ولا تقوم نيته مقام نية الزوج ، لأن الزوج مدين في الطلاق معمول على نيته فيه ، والوكيل غير مدين في الطلاق فلم يعمل على نيته فيه ، وهكذا لو طلقها الوكيل بالكناية مع النية ، كان على هذين الوجهين ، فلو ففي وقوعها وجهان : وكله أن يطلقها ثلاثا فطلقها واحدة ،
أحدهما : يقع ، لأنه بعض ما وكل فيه .
والوجه الثاني : لا يقع لأنه وكل في طلاق بائن ، وهذا الطلاق غير بائن فصار غير ما وكل فيه ، فلو وكله أن يطلقها واحدة ، لم تقع الثلاث ، وفي وقوع الواحدة وجهان :
لو ففيه وجهان : وكله في طلاق واحدة من نسائه ولم يعينها له
أحدهما : أن أيتهن طلقها صح ، لأن وقوع الطلاق المبهم جائز ، فكان التوكيل فيه جائزا .
والوجه الثاني : أنه يجوز أن يطلق واحدة قبل أن يعينها الزوج ، فإن طلق واحدة منهن قبل تعيينها لم تطلق ، لأن إبهام الطلاق من جهة الزوج يجوز ، لأنه موقوف على خياره في التعيين ، ومن جهة الوكيل لا يجوز لأنه غير موقوف على خياره في التعيين .