مسألة : قال الشافعي : " وقف عنها حتى تمر لها دلالة على البراءة من الحمل " . ولو قال إن لم تكوني حاملا فأنت طالق
قال الماوردي : أما قوله : إن لم تكوني حاملا فأنت طالق ، فمعناه إن كنت حائلا فأنت طالق ، فلا يخلو إما أن تكون حاملا أو حائلا ، فإذا نفاه عن أحدهما تعلق بالآخر . وإذا كان كذلك فالظاهر عند اشتباه حالها أنها حائل ، فيحرم عليه وطئها ، لأن الظاهر وقوع الطلاق عليها ، وعليه أن يستبرئها بعدة حرة ، ثلاثة أقراء هي أطهار . [ ص: 146 ] وسواء كان قد استبرأها قبل عقد طلاقه أم لا ، لأن هذا استبراء طلاق في الظاهر ، فلم يجز أن يعتد به قبل زمان وقوعه . وإذا كان كذلك لم يخل حالها عند انقضاء الأقراء من أن تكون مستبرئة أو غير مستبرئة . فإن كانت غير مستبرئة بانت بالظاهر ، وهل تحل للأزواج قبل أن تمضي مدة أكثر الحمل أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنها قد حلت في الظاهر للأزواج وإن جاز في الممكن أن يكون بها حمل ، كما تحل التي نجز طلاقها إذا اعتدت بثلاثة أقراء وإن أمكن أن يكون بها حمل .
والوجه الثاني : أنها محرمة على الأزواج حتى تمضي مدة أكثر الحمل وهي أربع سنين فتبين وقوع الطلاق عليها بيقين كونها حائلا وقت عقد طلاقها ، والفرق بين هذه وبين التي نجز طلاقها فأمكن بعد الأقراء الثلاثة أن تكون حاملا فلا تحرم على الأزواج بهذا التوهم الممكن ، وتحرم في مسألتنا بهذا التوهم الممكن ، أن التوهم في هذه المسألة يوقع شكا في وقوع الطلاق ، فجاز أن تحرم على الأزواج ، والتوهم في الطلاق الناجز لا يوقع شكا في وقوع الطلاق ، وإنما يوقعه في العدة مع انقضائها بحكم الشرع في الظاهر ، فجاز ألا تحرم على الأزواج .