الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فلو قال لإحدى هؤلاء الأربع أنت طالق للسنة ، وقال : أردت بنيتي أنها تطلق إذا صارت من أهل السنة لم يقبل ذلك منه في ظاهر الحكم ، ولزمه الطلاق معجلا لغير السنة ، ودين فيما بينه وبين الله تعالى فيما نوى . فلم يلزمه الطلاق أن تصير فيه من أهل السنة وجرى ذلك في مجرى قوله أنت طالق وقال : أردت بذلك إن دخلت الدار . لم يقبل منه في ظاهر الحكم ، ودين فيما بينه وبين الله تعالى في الباطن ، فلم تطلق إلا بدخول الدار . وهكذا لو قال لإحداهن أنت طالق للبدعة وقال : أردت بنيتي أنها تطلق إذا صارت من أهل البدعة لم يقبل منه في ظاهر الحكم وألزم تعجيل الطلاق . ودين في الباطن ولم يلزمه الطلاق إلا أن تصير إلى تلك الحال .

                                                                                                                                            ولو قال لإحدى هؤلاء الأربع أنت طالق للسنة إن كان يقع طلاق السنة ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يقول ذلك مع الشك في حالها : لأنه شك في الصغيرة هل حاضت أو لم تحض ؟ أو شك في الحمل هل هو حمل أو غلط أو شك في المؤيسة هل انقطع حيضها أو تأخر أو شك في غير المدخول بها هل كان قد دخل بها أو لم يدخل ؟ .

                                                                                                                                            فلا طلاق عليه في الحال ولا إذا صارت من أهل السنة في ثاني حال : لأنه علق ذلك بوجود الشرط في الحال .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يقول ذلك وهو على يقين أنها ليست في الطلاق من أهل السنة ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه شرط ملغي لاستحالته ويقع الطلاق في الحال .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه معتبر مع استحالته فلا يقع الطلاق في الحال ولا إن صارت من أهل السنة في ثاني حال كما لو قال : أنت طالق إن صعدت السماء لم تطلق وإن علق بشرط مستحيل . وهكذا لو قال لإحداهن : أنت طالق للبدعة إن كان يقع عليك طلاق البدعة ، فإن كان مع الشك فيهن لم يقع الطلاق ، وإن كان مع اليقين فعلى وجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية