مسألة : قال الشافعي : " فإن لم يكن حكم مضى لم يزوجهم إلا بولي وشهود مسلمين ، [ ص: 309 ] فلو لم يكن لها قريب زوجها الحاكم لأن تزويجه حكم عليها ، فإذا تحاكموا إلينا بعد النكاح ، فإن كان مما يجوز ابتداؤه في الإسلام أجزناه : لأن عقده قد مضى في الشرك " .
قال الماوردي : قد مضى ما قررناه من وجوب الحكم بين أهل الذمة أو جوازه ، فإذا فهو كترافعهما في غيره من عقود البيع والإجارات ، وإنما خص ترافع زوجان في عقد نكاح الشافعي ترافعهما في عقد النكاح : لأنه في كتاب النكاح ، ولأن فروعه أكثر ، فإذا ترافعا فيه فعلى ضربين :
أحدهما : أن يترافعا في استدامة عقد قد مضى ، فليس للحاكم أن يكشف عن حال العقد ، ولا يعتبر فيه شروط الإسلام ، وينظر : فإن كانت الزوجة ممن تجوز له عند التحاكم أن يستأنف العقد عليها ، جاز أن يقرهما على ما تقدم من عقدها ، سواء كان بولي أو شهود أم لا ، إذا رأوا ما عقدوه نكاحا في دينهم ، وإن كانت ممن لا يجوز أن يستأنف العقد عليها عند الترافع إلينا : لكونها في ذوات المحارم والمحرمات ، أو بقية عدة من زوج آخر حكم بإبطال النكاح ، ويكون حالها عند الترافع إلى الحاكم كحالهما لو أسلما ، فما جاز إقرارها عليه من النكاح بعد إسلامها ، جاز إقرارهما عليه عند ترافعهما إلى حاكمنا ، وما لم يجز الإقرار عليه بعد الإسلام ، لم يجز الإقرار عليه عند الترافع إلى الحاكم .