الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا أعتق في مرضه أمته قيمتها مائة درهم وتزوجها على صداق مائة درهم ، ومهر مثلها خمسون درهما ، ومات وخلف معها مائتي درهم ، فقيمتها تخرج من الثلث فيكون النكاح على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو قول ابن الحداد ، ومن تابعه - : أن النكاح باطل ، فعلى هذا إن لم يدخل بها ، فلا مهر لها ، وقد عتق جميعها ، وإن دخل بها ، فإن أبرأت من مهر مثلها ، عتق جميعها أيضا ، وإن لم تبرأ منه وطلبته رق منها بقدر ما عجز به الثلث عن قيمتها بالخارج من مهرها وبابه من طريق الخبر ما قدمناه . وهو أن يقول له : بالعتق شيء وبالمهر نصف شيء وللورثة شيئان ، ويصير الجميع ثلاثة أشياء ونصف شيء ، أخبر بها في مخرج النصف ، وهو اثنان تكن سبعة أشياء ، فيعتق منها سهمين بسهمين سبعا التركة ، وذلك ستة أسباع رقبتها : لأن التركة ثلاثمائة وقيمتها مائة فتكون قيمة ستة أسباعها خمسة وثمانين درهما وخمسة أسباع درهم ، ويكون لها مهر ستة أسباعها اثنين وأربعين درهما وستة أسباع درهم ، ويكون للورثة أربعة أسباع التركة وهو مائة وواحد وسبعون درهما وثلاثة أسباع درهم ، وهو قدر السبع الموقوف منها ، والباقي من التركة يعد مهرها : لأن قيمة سبعها أربعة عشر درهما وسبعان ، والباقي من المائتين بعد الخارج من مهرها مائة درهم وسبعة وخمسون درهما .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : - وهو قول أبي العباس بن سريج - : أن النكاح جائز ، فعلى هذا إن لم يدخل بها فلا مهر لها وعتق جميعها نافذ بخروج جميع قيمتها من الثلث وسقط المهر : لأن ثبوته يؤدي إلى سقوطه لنقصان الثلث به فلم يثبت ، وإن دخل بها فإن أبرأت من مهرها نفذ العتق في جميعها ، وإن طلبته بطل النكاح : لنقصان الثلث عن قيمتها ، وحكم لها بقدر ما تستحقه من مهر المثل دون المسمى : لأن بفساد النكاح يبطل المسمى ، وكان وجه العمل فيه من طريق الخبر ما ذكرنا ، والقدر الذي يتحرر من عتقها ما وصفنا ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية