الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن الوصية لا تبطل بموت الموصى له قبل الرد والقبول ، فورثته يقومون مقامه في القبول والرد ولهم ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            حال يقبل جميعهم الوصية ، وحال يرد جميعهم الوصية ، وحال يقبلها بعضهم ويردها بعضهم .

                                                                                                                                            فإن قبلوها جميعا ، فعلى القول الذي يجعل القبول دالا على تقدم الملك ، فالمالك للوصية بقبول الورثة ، هو الموصى له لا الورثة .

                                                                                                                                            فعلى هذا يكون أولاد الأمة أحرارا ؛ لأن الأب لا يملك ولده ويجعلها له أم ولد في الموضع الذي تصير بالولادة أم ولد .

                                                                                                                                            فأما القول الذي يجعل القبول ملكا ، فقد اختلف أصحابنا ، هل تدخل الوصية في ملك الموصى له بقبول ورثته أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وأبي حامد المروزي : أن الوصية يملكها الورثة دون الموصى له ، لحدوث الملك بقبولهم .

                                                                                                                                            فعلى هذا لا يعتق الأولاد الذين ولدتهم بعد القبول ولا تصير الأمة بهم أم ولد ؛ لأن الأخ يملك أخاه .

                                                                                                                                            وعلى هذا لو كانت الوصية مالا لم يقض منها ديون الموصى له .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو الظاهر من مذهب الشافعي وبه قال أكثر البصريين وحكاه أبو القاسم بن كج عن شيوخه : أن الوصية يملكها الموصى له بقبول ورثته وإن كان القبول مملكا ؛ لأنها لو لم تدخل في ملكه لبطلت ؛ لأن الورثة غير موصى لهم ، فلم يجز أن يملك الوصية من لم يوص له .

                                                                                                                                            فعلى هذا قد أعتق الأولاد الذين ولدتهم بعد القبول وصارت ممن يجب أن تصير به أم ولد .

                                                                                                                                            وعلى هذا لو كانت الوصية مالا ، قضي منها ديون الموصى له .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية