الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو أوصى لرجل بثلث ماله ، ولآخر بفرس قيمته سوى الفرس ألفي درهم ، فالوصيتان تزيد على الثلث بمثل ثلثيه ؛ لأن المال ثلاثة آلاف درهم والوصيتان بفرس قيمته ألف درهم ، وبثلث الألفين وهو درهم وستة وستون درهما ، وثلثا درهم .

                                                                                                                                            فإذا أسقطت الزيادة على الثلث عند رد الورثة ، سقط خمسا الوصيتين ، ورجعت إلى ثلاثة أخماسه ؛ لأن الألف منها ثلاثة أخماسها .

                                                                                                                                            ثم في قسمة ذلك بين صاحب الفرس والثلث قولان على ما حكاه ابن سريج :

                                                                                                                                            أحدهما وهو الأولى منهما : أن ثلاثة أخماس الفرس مقسومة بين صاحب الثلث وصاحب الفرس على أربعة أسهم : لصاحب الفرس ثلاثة أسهم ، ولصاحب الثلث سهم ، فيصير الفرس مقسوما على عشرين سهما ، منها لصاحب الفرس تسعة أسهم ، وذلك أربعة أعشاره ونصف عشره ، وقيمة ذلك أربعمائة وخمسون درهما ولصاحب الثلث ثلاثة أسهم ، وذلك عشره ونصف عشره ، وقيمة ذلك مائة وخمسون درهما ، ثم يأخذ صاحب الثلث ثلث ثلاثة أخماس الألفين ، وذلك أربعمائة درهم فيصير مع صاحب الثلث خمسمائة وخمسون درهما من الفرس والمال .

                                                                                                                                            [ ص: 213 ] ومع صاحب الفرس أربعمائة وخمسون درهما من الفرس ، فتصير الوصيتان ألف درهم هو ثلث جميع المال .

                                                                                                                                            وهذا القول هو الأشبه بمذهب الشافعي .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن ثلاثة أخماس الفرس مقسوم بين صاحب الفرس وصاحب الثلث على ستة أسهم ، منها خمسة أسهم لصاحب الفرس ، وسهم لصاحب الثلث ؛ لأن ثلثي ذلك يسلم لصاحب الفرس ، والثلث موصى به لصاحب الثلث ، وصاحب الفرس ، فصار بينهما ، فيصير الفرس مقسوما على عشرة أسهم منها لصاحب الفرس أربعة أسهم ، وذلك أربعة أعشاره ، وقيمة ذلك أربعمائة ، ولصاحب الثلث سهمان وهما عشرة وقيمة ذلك مائتا درهم ، ثم يأخذ صاحب الفرس حقه من ألفين ، وذلك أربعمائة درهم ، فصار مع صاحب الفرس الثلث ستمائة درهم من الفرس ، ومع صاحب الفرس أربعمائة من الفرس وهما جميعا ألف درهم ثلث جميع التركة ، وهذا قياس قول أبي حنيفة ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية