الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " لا يرثون ولا يحجبون " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال من لم يرث برق أو كفر أو قتل لم يحجب ، فلا يرثون ولا يحجبون ، وبه قال الجماعة .

                                                                                                                                            وقال عبد الله بن مسعود : يحجبون ذوي الفروض إلى أقل الفرضين ، كالزوج من النصف إلى الربع ، والزوجة من الربع إلى الثمن ، والأم من الثلث إلى السدس ، ولا يسقطون العصبة كالابن الكافر لا يسقط ابن الابن ، واختلفت الرواية عنه في إسقاط ذوي الفروض عن كل الفروض ، كإسقاط الإخوة للأم بالبنت الكافرة ، وبه قال النخعي وأبو ثور استدلالا بأن الحجب غير معتبر بالميراث ، كالإخوة مع الأبوين يحجبون الأم إلى السدس ولا يرثون ، والدليل على إسقاط حجبهم قوله تعالى : وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس [ النساء : 11 ] فاقتضى أن يكون الإسلام شرطا في حكم العطف كما كان شرطا في المعطوف عليه ، ولأن كل من سقط إرثه بعارض سقط حجبه بذلك العارض كالإسقاط ، ولأن كل من ضعف بوصفه عن حجب الإسقاط ضعف بوصفه عن حجب النقصان كـ " ذوي الأرحام " ، ولأن كل وارث فهو لا محالة يحجب إذا ورث : لأن الابن إذا ورث مع أخيه فقد حجبه عن الكل إلى النصف ، فلما ضعف الكافر عن حجب من يسميه في النسب كان أولى أن يضعف عن حجب من يخالفه في النسب .

                                                                                                                                            فأما استدلالهم بحجب الإخوة للأم مع الأب فلم يسقطوا لأنهم غير ورثة ، لكن الأب حجبهم عنه ، ألا ترى لو لم يكن معهم أب لورثوا فبان الفرق ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية