الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : مثال ذلك امرأة ماتت وخلفت أختين لأب ، وزوجا مفقودا ، وعصبة ، فقال : إن كان الزوج المفقود حيا فالتركة من سبعة أسهم : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللأختين الثلثان أربعة أسهم ، وإن كان الزوج المفقود ميتا فللأختين الثلثان والباقي للعصبة ، وتصح من ثلاثة ، فاضرب ثلاثة في سبعة تكن أحدا وعشرين ، فإن كان الزوج حيا فله تسعة أسهم ، وللأختين اثنا عشر سهما ، ولا شيء للعصبة ، وإن كان الزوج ميتا فللأختين أربعة عشر سهما والباقي للعصبة ، وهو سبعة أسهم ، فيعطي الأختين أقل الفرضين ، وذلك اثنا عشر سهما لأنه اليقين ، ولا يدفع للعصبة شيئا ، لجواز أن يكون الزوج حيا ، فإن بان الزوج حيا فالتسعة كلها له ، وإن بان ميتا رد على الأختين سهمان تمام أربعة عشر سهما ، ودفع إلى العصبة الباقي وهو سبعة أسهم .

                                                                                                                                            فلو خلفت المرأة زوجا وأما وأختا لأم وأختا لأب وأخا لأب مفقودا ، فالعمل أن نقول : إذا كان الأخ المفقود حيا فللزوج النصف وللأم السدس وللأخ للأم السدس ، والباقي بين الأخ والأخت من الأب على ثلاثة ، وتصح المسألة من ثمانية عشر ، وإن كان ميتا فللزوج النصف وللأم السدس ، وللأخ من الأم السدس ، وللأخت للأب النصف ، وتعول إلى ثمانية ، والثمانية توافق الثمانية عشر بالإنصاف ، فاضرب نصف إحداهما في الأخرى تكن اثنين وسبعين ، ومنها تصح ، فمن له شيء من ثمانية يأخذه في نصف الثمانية عشر وهو تسعة ، ومن له شيء من ثمانية عشر يأخذه في نصف الثمانية وهو أربعة ، فللزوج من الثمانية عشر تسعة في أربعة تكن ستة وثلاثين ، وله من الثمانية ثلاثة في تسعة تكن سبعة وعشرين فأعطه سبعة وعشرين : لأنه أقل النصيبين ، وللأم من الثمانية عشر ثلاثة في أربعة تكن اثني عشر ، ولها من الثمانية سهم في تسعة فأعطها تسعة أسهم لأنها أقل النصيبين ، وللأخ من الأم أيضا تسعة أسهم ، وللأخت من الثمانية عشر سهم واحد في أربعة ، ولها من الثمانية ثلاثة في تسعة تكن سبعة وعشرين ، فأعطها أربعة لأنها أقلها ، ويوقف الباقي بعد هذه السهام وهو ثلاثة وعشرون سهما ، فإن كان الأخ المفقود حيا أخذ ثلاثة أسهم ضعف ما أخذته [ ص: 90 ] أخته ، وأعطي الزوج تسعة أسهم تمام النصف ، وأعطيت الأم ثلاثة أسهم تمام السدس ، وأعطي الأخ للأم ثلاثة أسهم أيضا ، وإن كان المفقود ميتا دفعت ما وقفته عليه وهو ثلاثة وعشرون سهما إلى الأخت حتى يتم لها تسعة وعشرون سهما هو تمام نصيبها من مسألة العول ، ومعلوم أن الأخ إن كان حيا فإنه لا يستحق من الثلاثة والعشرين الموقوفة أكثر من ثمانية أسهم ، فلو اصطلح الورثة قبل أن يعلم المفقود على ما بقي من السهام الموقوفة بعد نصيب المفقود ، وذلك خمسة عشر سهما جاز الصلح : لأنها موقوفة لهم ، وإن اصطلح على الثمانية الموقوفة للمفقود لم يجز : لأنها لغيرهم ، ولو خلفت زوجا وأختا لأب وأم وأختا لأب وأخا لأب مفقودا كان للزوج النصف ثلاثة أسباع ، وللأخت للأب والأم ثلاثة أسباع ، ويوقف السبع ، فإن ظهر المفقود ميتا دفع إلى الأخت للأب ، وإن ظهر حيا رد على الزوج والأخت للأب والأم ، ويجوز لهم قبل ظهور حال المفقود أن يصطلحوا على السهم الموقوف : لأنه لا حق فيه للمفقود .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية