فصل : فلو ، فإن كان إسلام النصراني قبل موت أبيه ولو بطرفة عين كان الميراث بينهما ، وهذا إجماع ، وإن كان إسلامه بعد موت أبيه ولو بطرفة عين لم يرثه ، وهكذا لو ترك المسلم الحر ابنين أحدهما حر والآخر عبد أعتق ، فإن كان عتقه قبل موت أبيه ورثه ، وإن كان بعده لم يرثه ، وبه قال من الصحابة : مات مسلم وترك ابنا مسلما وابنا نصرانيا أسلم أبو بكر وعلي وزيد وابن مسعود - رضي الله عنهم - ومن الفقهاء : أبو حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء ، وحكي عن الحسن البصري وقتادة ومكحول أنهم ورثوا من أسلم أو أعتق على ميراث قبل أن يقسم ، وروي ذلك عن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - وحكي عن إياس وعكرمة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أنهم ورثوا من أسلم قبل القسمة ولم يورثوا من أعتق قبل القسمة استدلالا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من أسلم على شيء فهو له وروى أبو الشعثاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ، ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم له ، وكل قسم أدركه الإسلام فإنه على قسم الإسلام ولأن الميراث ينتقل بالمورث إلى ملك الوارث لا بالقسمة ، ولأن تأخير القسمة لا يوجب توريث من ليس بوارث ، كما أن تقديمها لا يوجب سقوط من هو وارث ، ولأنه إن ولد للميت إخوة قبل قسمة تركته لا يرثوه ، فهذا كما لو أسلموا لم يرثوه . لا يتوارث أهل ملتين
فأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : من أسلم على شيء فهو له ففيه تأويلان :
أحدهما : من أسلم وله مال فهو له لا يزول عنه بإسلامه .
والثاني : من أسلم قبل موت مورثه رغبة في الميراث فهو له ، وأما حديث ابن عباس فمعناه أن المشركين إذا ورثوا ميتهم ثم اقتسموه في جاهليتهم كان على جاهليتهم ، ولو أسلموا قبل قسمته اقتسموه على قسمة الإسلام ، والله أعلم .