الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما مكان التعريف ففي مجامع الناس ومحافلهم من البلد الذي وجدها فيه ، وإن وجدها واجدها في صحراء قفر أو على جادتها من البلاد المقاربة لها ، وليكن تعريفها على أبواب المساجد ، فقد سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم رجلا ينشد ضالته في المسجد فقال : أيها الناشد غيرك الواجد ، وليكثر من تعريفها في محاط الرجال ومناخ الأسفار وفي الأسواق ، فأما الضواحي الخالية فلا يكون إنشادها فيه تعريفا .

                                                                                                                                            وروى المزني عن الشافعي أنه قال : ويكون أكثر تعريفها في الجمعة التي أصابها فيه .

                                                                                                                                            وروى الربيع عن أنه قال في الجماعة التي أصابها فيها ، فكان بعض أصحابنا ينسب المزني [ ص: 14 ] إلى الغلط في روايته وأن الأصح رواية الربيع : لأن الجمعة وغيرها من الأيام في التعريف سواء ، وإنما يؤمر بتعريفها في الجماعة التي أصابها فيه : لأن من ضاع منه شيء في جماعة فالأغلب أنه يلازم طلبه في تلك الجماعة . وقال سائر أصحابنا : إن كلا الروايتين صحيحة ولهم في استعمال رواية المزني جوابان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنه إنما خص يوم الجمعة بكثرة التعريف فيه على سائر الأيام : لاجتماع الأباعد فيه وإشهار ما يكون فيه .

                                                                                                                                            والثاني : أن رواية المزني محمولة على أن الواجد أصابها يوم الجمعة ، فيكون أكثر تعريفه لها يوم الجمعة : لأنها ربما سقطت ممن كان خارج المصر الذي لا يأتيه إلا في كل جمعة ، ورواية الربيع محمولة على أنه وجدها في جماعة ، فيكون أكثر تعريفه لها في تلك الجماعة : لأنها الأغلب من بقاع طالبها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية