الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الضرب الثاني : وهو أن يكون اختلاط الطعام بعد قبضه ، فالبيع ماض لا يفسد لانبرامه بالقبض .

                                                                                                                                            فإن قيل : ما الفرق بين الطعام إذا اختلط بعد قبضه فلم يبطل البيع فيه ، وبين الثمرة إذا اختلطت بعد القبض في شجرها فبطل البيع فيها ؟ على أحد القولين :

                                                                                                                                            قيل : الفرق بينهما أن قبض الطعام قد استقر فانبرمت علة العقد ، وقبض الثمرة على نخلها وفي شجرها غير مستقر وعلة العقد لم تنبرم ، ألا ترى أنها لو عطشت على نخلها وشجرها بعد قبضها وأضر ذلك بها ، كان ذلك عيبا يستحق به المشتري خيار الفسخ ، ولو كان القبض مستقرا والعقد منبرما ، ما استحق به الفسخ كما لا يستحقه في الطعام بعد القبض .

                                                                                                                                            فإذا ثبت أن البيع صحيح نظر ، فإن كان قدر الطعام معلوما بأحد الأوجه التي مضت تقاسماه على ما ذكرنا .

                                                                                                                                            [ ص: 176 ] وإن كان قدر الطعام مجهولا ، فإن تراضيا بشيء اتفقا عليه ، جاز واقتسماه على ذلك ، وإن تنازعا واختلفا ، نظر : فإن كانت صبرة المشتري قد انثالت على صبرة البائع فالقول قول البائع في قدر ما له مما للمشتري مع يمينه لأن اليد له .

                                                                                                                                            وإن كانت صبرة البائع قد انثالت على صبرة المشتري ، فالقول قول المشتري في قدر ما له مما للبائع مع يمينه لأن اليد له .

                                                                                                                                            وقال المزني : القول قول البائع : لأن يده قد كانت على الطعامين معا ، وكان أعرف بقدرهما من المشتري المستحدث إليه . وهذا خطأ : لأن ما وجب اعتبار اليد فيه كانت اليد الثانية أولى أن تكون معتبرة من اليد المرتفعة كسائر الحقوق . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية