فصل : فإذا قضاها فيما بعد . لم يصم الثلاثة في أيام الحج حتى خرجت أيام الحج
وقال أبو حنيفة : إذا خرجت أيام الحج قبل صيامه لزمه الدم ولم يجزه الصوم ، وقد كان أبو إسحاق المروزي يغلط فيخرجه قولا ثانيا للشافعي ، ولا يدل من نص قول أبي حنيفة بقوله تعالى : فصيام ثلاثة أيام في الحج ، [ البقرة : 196 ] ، فإذا لم يأت بها في الحج ، وأتى بها فيما بعد صار قاضيا ، والقضاء لا يثبت إلا بدليل ، وقياسا على الجمعة التي لا يثبت قضاؤها ، بعد فوات وقتها لتعلق فعلها بزمان ، ويجزيه مخصوص قياسا أنه بدل موقت فوجب أن يكون فوات وقته موجبا للعود إلى مبدله كالجمعة ودليلنا رواية الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : رخص رسول الله في المتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم حتى فاتته أيام العشر أن يصوم أيام التشريق مكانها ، ولأنه صوم مخصوص بزمان فوجب أن لا يفوت بفوات وقته أصله صوم رمضان ، ولأنه صوم واجب فجاز أن يؤتى به بعد وقته .
[ ص: 55 ] أصله : صوم كفارة الظهار وقته قبل المسيس ؟ فإن أتى به بعد المسيس ، أجزأه ولأن الصوم في الأصول ينقسم ثلاثة أقسام :
فقسم يختص بزمان معين كصوم رمضان .
وقسم يؤتى به قبل وجود شرط كصوم كفارة الظهار يفعل قبل المسيس .
وقسم مطلق كصوم الكفارات وكل ذلك يؤتى به في وقته وغير وقته ، فوجب أن يكون صوم التمتع لاحقا بأحدها في جواز الإتيان به في وقته وغير وقته ، فأما قولهم إن إثبات القضاء يفتقر إلى دليل ففيه خلاف بين أصحابنا ، فمنهم من قال يجب بالأمر المتقدم فعلى هذا سقط السؤال ، ومنهم من قال : يفتقر إلى دلالة مستأنفة ، وقد دلت عليه ، وأما قياسهم على الجمعة فيبطل بالصلوات ، وقضاء رمضان ، فإذا قيل : إذا جوزتم له قضاء الصوم هل توجبون عليه كفارة بتأخيره ، كما تلزمه الكفارة في تأخير قضاء رمضان ، قلنا : لا تجب عليه كفارة ، وإن أخره لأنه جبران في نفسه فلم يفتقر إلى جبران ، ومن هذا الوجه خالف قضاء رمضان .