الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( والماء المستعمل لا يجوز استعماله في طهارة الأحداث ) خلافا لمالك والشافعي رحمهما الله ، هما يقولان : إن الطهور ما يطهر غيره مرة بعد أخرى كالقطوع . وقال زفر رحمه الله ، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله : إن كان المستعمل متوضئا فهو طهور ، وإن كان محدثا فهو طاهر غير طهور ، لأن العضو طاهر حقيقة ، وباعتباره يكون الماء طاهرا ، لكنه نجس حكما ، وباعتباره يكون الماء نجسا ، فقلنا بانتفاء الطهورية وبقاء الطهارة عملا بالشبهين .

                                                                                                        وقال محمد رحمه الله ، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: هو طاهر غير طهور ، لأن ملاقاة الطاهر الطاهر لا توجب التنجس ، إلا أنه أقيمت به قربة فتغيرت به صفته كمال الصدقة ، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى : هو نجس ، لقوله عليه الصلاة والسلام : { لا يبولن أحدكم في الماء الدائم }الحديث ; ولأنه ماء أزيلت به النجاسة الحكمية فيعتبر بماء أزيلت به النجاسة الحقيقية ، ثم في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه نجس نجاسة غليظة اعتبارا بالماء المستعمل في النجاسة الحقيقية ، وفي رواية أبي يوسف عنه رحمه الله تعالىوهو قوله : إنه نجس نجاسة خفيفة لمكان الاختلاف .

                                                                                                        قال : ( والماء المستعمل هو ما أزيل به حدث أو استعمل في البدن على وجه القربة ) قال رضي الله عنه : وهذا عند أبي يوسف رحمه الله ، وقيل : هو قول أبي حنيفة رحمه الله أيضا ، وقال محمد رحمه الله : لا يصير مستعملا إلا بإقامة القربة ; لأن الاستعمال بانتقال نجاسة الآثام إليه ، وإنها تزال بالقرب ، وأبو يوسف رحمه الله يقول : إسقاط الفرض مؤثر أيضا فيثبت الفساد بالأمرين ، ومتى يصير الماء مستعملا ؟ الصحيح أنه كما زايل العضو صار مستعملا ; لأن سقوط حكم الاستعمال قبل الانفصال للضرورة ، ولا ضرورة بعده . والجنب إذا انغمس في البئر لطلب الدلو ، فعند أبي يوسف رحمه الله تعالى [ ص: 180 ] الرجل بحاله لعدم الصب وهو شرط عنده لإسقاط الفرض ، والماء بحاله لعدم الأمرين ، وعند محمد رحمه الله تعالىكلاهما طاهران : الرجل لعدم اشتراط الصب ، والماء لعدم نية القربة ، وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالىكلاهما نجسان : الماء لإسقاط الفرض عن البعض بأول الملاقاة ، والرجل لبقاء الحدث في بقية الأعضاء ، وقيل : عنده نجاسة الرجل بنجاسة الماء المستعمل ، وعنه أن الرجل طاهر ; لأن الماء لا يعطى له حكم الاستعمال قبل الانفصال ، وهو أوفق الروايات عنه .

                                                                                                        [ ص: 181 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 181 ] حديث : { لا يبولن أحدكم في الماء الدائم }تقدم قريبا .




                                                                                                        الخدمات العلمية