الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 145 - 150 ] قال : ( وإذا نكل المدعى عليه عن اليمين قضى عليه بالنكول وألزمه ما ادعي عليه ) وقال الشافعي رحمه الله : لا يقضي به بل يرد اليمين على المدعي ، فإذا حلف يقضي به لأن النكول يحتمل التورع عن اليمين الكاذبة والترفع عن الصادقة واشتباه الحال فلا ينتصب حجة مع الاحتمال ويمين المدعي دليل الظهور [ ص: 151 ] فيصار إليه . ولنا أن : النكول دل على كونه بازلا أو مقرا إذ لولا ذلك لأقدم على اليمين إقامة للواجب ودفعا للضرر عن نفسه فترجح هذا الجانب ، ولا وجه لرد اليمين على المدعي لما قدمناه .

                                                                                                        قال : ( وينبغي للقاضي أن يقول له : إني أعرض عليك اليمين ثلاثا فإن حلفت وإلا قضيت عليك بما ادعاه ) وهذا الإنذار لإعلامه بالحكم إذ هو موضع الخفاء .

                                                                                                        قال : ( فإذا كرر العرض عليه ثلاث مرات قضى عليه بالنكول ) وهذا التكرار ذكره الخصاف لزيادة الاحتياط والمبالغة في إبلاء العذر ، وأما المذهب أنه لو قضى بالنكول بعد العرض مرة جاز ; لما قدمناه هو الصحيح والأول أولى ثم النكول قد يكون حقيقيا كقوله : لا أحلف وقد يكون حكميا بأن يسكت [ ص: 152 ] وحكمه حكم الأول إذا علم أنه لا آفة به من طرش أو خرس هو الصحيح .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : لأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على القضاء بالنكول قلت : يوجد هذا في بعض نسخ " الهداية " ، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه في الأقضية " حدثنا [ ص: 151 ] عباد بن العوام عن يحيى بن سعيد عن سالم أن ابن عمر باع غلاما له بثمانمائة درهم ، فوجد به المشتري عيبا ، فخاصمه إلى عثمان ، فقال له عثمان : بعته بالبراءة ؟ فأبى أن يحلف ، فرده عثمان عليه انتهى .

                                                                                                        حدثنا حفص عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه أمره أن يستحلف امرأة فأبت أن تحلف ، فألزمها ، حدثنا شريك عن مغيرة عن الحارث ، قال : نكل رجل عند شريح عن اليمين ، فقضى شريح عليه ، فقال الرجل : أنا أحلف ، فقال شريح : قد مضى قضائي انتهى .

                                                                                                        حدثنا جرير عن مغيرة ، وابن شبرمة ، قالا : اشترى عبد الله غلاما لامرئ ، فلما ذهب إلى منزله حم الغلام ، فخاصمه إلى الشعبي ، فقال لعبد الله : بينتك أنه دلس عليك عيبا ؟ فقال : ليس لي بينة ، فقال للرجل : احلف أنك لم تبعه ، فأبى ، فقال الرجل : اردد اليمين على عبد الله ، فقضى الشعبي باليمين عليه فقال : إما أن تحلف ، وإلا جاز عليك الغلام ، انتهى .

                                                                                                        وأخرج الطحاوي في " مشكل الآثار " عن عبد الله بن عون من أهل فلسطين ، قال : أمرت امرأة وليدة لها أن تضطجع عند زوجها ، فحسب أنها جارية ، فوقع عليها ، وهو لا يشعر ، فقال عثمان : أحلفوه أنه ما شعر ، فإن أبى أن يحلف فارجموه ، وإن حلف فاجلدوه مائة جلدة ، واجلدوا امرأته مائة جلدة ، واجلدوا الوليدة الحد ، قال الطحاوي : لا نعلم له مخالفا من الصحابة ، ولا منكرا عليه يعني في الحكم بالنكول وأنه كالإقرار .




                                                                                                        الخدمات العلمية