الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ولا تصح المرابحة والتولية حتى يكون العوض مما له مثل ) لأنه إذا لم يكن له مثل لو ملكه ملكه بالقيمة وهي مجهولة ( ولو كان المشتري باعه [ ص: 495 ] مرابحة ممن يملك ذلك البدل وقد باعه بربح درهم أو بشيء من المكيل موصوف جاز ) لأنه يقدر على الوفاء بما التزم ( وإن باعه بربح ده يازده لا يجوز ) لأنه باعه برأس المال وببعض قيمته لأنه ليس من ذوات الأمثال .

                                                                                                        ( ويجوز أن يضيف إلى رأس المال أجرة القصار والطراز والصبغ والفتل وأجرة حمل الطعام ) لأن العرف جار بإلحاق هذه الأشياء برأس المال في عادة التجار ولأن كل ما يزيد في المبيع أو في قيمته يلحق به ، هذا هو الأصل وما عددناه بهذه الصفة لأن الصبغ وأخواته يزيد في العين والحمل يزيد في القيمة إذ القيمة تختلف باختلاف المكان ( ويقول قام علي بكذا ولا يقول اشتريته بكذا ) كي لا يكون كاذبا وسوق الغنم بمنزلة الحمل بخلاف أجرة الراعي وكراء [ ص: 496 ] بيت الحفظ لأنه لا يزيد في العين والمعنى وبخلاف أجرة التعليم لأن ثبوت الزيادة لمعنى فيه هو حذاقته ( فإن اطلع المشتري على خيانة في المرابحة فهو بالخيار ) عند أبي حنيفة رحمه الله ، إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء تركه ( وإن اطلع على خيانة في التولية أسقطها من الثمن . وقال أبو يوسف رحمه الله : يحط فيهما ، وقال محمد رحمه الله : يخير فيهما ) لمحمد رحمه الله : أن الاعتبار للتسمية لكونه معلوما والتولية والمرابحة ترويج وترغيب فيكون وصفا مرغوبا فيه كوصف السلامة فيتخير بفواته . ولأبي يوسف رحمه الله أن الأصل فيه كونه تولية ومرابحة ، ولهذا ينعقد بقوله وليتك بالثمن الأول أو بعتك مرابحة على الثمن الأول إذا كان ذلك معلوما فلا بد من البناء على الأول وذلك بالحط غير أنه يحط في التولية قدر الخيانة من رأس المال ، وفي المرابحة منه ومن الربح . ولأبي حنيفة رحمه الله أنه لو لم يحط في التولية لا تبقى تولية لأنه يزيد على الثمن الأول فيتغير التصرف فتعين الحط وفي المرابحة لو لم يحط تبقى مرابحة وإن كان يتفاوت الربح فلا يتغير التصرف فأمكن القول بالتخيير ، فلو هلك قبل أن يرده أو حدث فيه ما يمنع الفسخ يلزمه جميع الثمن في الروايات الظاهرة لأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط بخلاف خيار العيب لأنه مطالبة بتسليم الفائت فيسقط ما يقابله عند عجزه .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية