الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 280 ] ( ولا يسهم إلا لفرس واحد ) وقال أبو يوسف رحمه الله : يسهم لفرسين لما روي " { أن النبي عليه الصلاة والسلام أسهم لفرسين }ولأن الواحد قد يعيا فيحتاج إلى الآخر .

                                                                                                        [ ص: 281 ] ولهما { أن البراء بن أوس قاد فرسين فلم يسهم رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا لفرس واحد }ولأن القتال لا يتحقق بفرسين دفعة واحدة ، فلا يكون السبب الظاهر مفضيا إلى القتال عليهما فيسهم لواحد ولهذا لا يسهم لثلاثة [ ص: 282 ] أفراس ، وما رواه محمول على التنفيل كما أعطى سلمة بن الأكوع سهمين وهو راجل ( والبراذين والعتاق سواء ) لأن الإرهاب مضاف إلى جنس الخيل في الكتاب ، قال الله تعالى : { ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم }واسم الخيل ينطلق على البراذين والعراب والهجين والمقرف إطلاقا واحدا ، ولأن العربي إن كان في الطلب والهرب أقوى ، فالبرذون أصبر وألين عطفا ففي كل واحد منهما منفعة معتبرة فاستويا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الرابع عشر : روي { أنه عليه السلام أسهم لفرسين }قلت : روى الدارقطني في " سننه " ، حدثنا إبراهيم بن حماد ثنا علي بن حرب حدثني أبي حرب بن محمد ثنا محمد بن الحسن عن محمد بن صالح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبيه عن جده أبي عمرة بشير بن عمرو بن محصن ، قال : { أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لفرسي أربعة أسهم ، ولي سهما ، فأخذت خمسة أسهم }انتهى .

                                                                                                        [ ص: 281 ] حديث آخر } : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا إبراهيم بن يحيى الأسلمي أخبرني صالح بن محمد عن مكحول { أن الزبير حضر خيبر بفرسين ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم }انتهى .

                                                                                                        وأشار الشافعي إلى هذا الحديث ، كما نقله البيهقي عنه في " كتاب المعرفة " ، فقال : قال الشافعي : وروى مكحول { أن الزبير حضر خيبر فأسهم له عليه السلام خمسة أسهم : سهم : له ، وأربعة أسهم لفرسيه } ، فذهب الأوزاعي إلى قبول هذا عن مكحول منقطعا ، وهشام أثبت في حديث أبيه ، وأحرص لو زيد أنه يقول به ، وأهل المغازي لم يرووا أنه عليه السلام أسهم لفرسين ، ولم يختلفوا أنه حضر خيبر بثلاثة أفراس لنفسه : السكيت ، والضرب ، والمرتجز ، ولم يأخذ إلا لفرس واحد انتهى .

                                                                                                        وحديث هشام الذي أشار إليه بعده تقدم قريبا عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير ، قال : { أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أربعة أسهم : سهمين لفرسي ، وسهما لي ، وسهما لأمي } ، أخرجه الدارقطني وروى الواقدي في " المغازي " حدثني عبد الملك بن يحيى عن عيسى بن معمر ، قال : { كان مع الزبير يوم خيبر فرسان ، فأسهم له النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم }انتهى .

                                                                                                        وقال صاحب " التنقيح " : قال سعيد بن منصور : ثنا فرج بن فضالة ثنا محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن أسهم للفرس سهمين ، وللفرسين أربعة أسهم ، ولصاحبها سهما ، فذلك خمسة أسهم ، وما كان فوق الفرسين ، فهو جنائب انتهى .

                                                                                                        قال ، سعيد : وحدثنا ابن عياش عن الأوزاعي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم للخيل ، وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين ، وإن كان معه عشرة أفراس }انتهى .

                                                                                                        وقال مالك في " الموطإ " : لم أسمع بالقسم إلا لفرس واحد انتهى .

                                                                                                        الحديث الخامس عشر : روي { أن البراء بن أوس قاد فرسين فلم يسهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لفرس واحد }قلت : غريب ، بل جاء عنه عكسه ، كما ذكره ابن منده في " كتاب الصحابة في ترجمته " ، فقال : روى علي بن قرين عن محمد بن عمر المدني عن يعقوب بن محمد بن صعصعة عن عبد الله بن أبي صعصعة عن البراء بن أوس { أنه قاد مع النبي صلى الله عليه وسلم فرسين ، فضرب عليه السلام له خمسة أسهم }انتهى .

                                                                                                        وروى الواقدي في " كتاب المغازي في غزاة خيبر " [ ص: 282 ] حدثني يعقوب بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله بن كعب { أن النبي صلى الله عليه وسلم قاد في خيبر ثلاثة أفراس : لزاز ، والظرب ، السكيت ، وقاد الزبير بن العوام أفراسا ، وقاد خراش بن الصمة فرسين ، وقاد البراء بن أوس بن خالد بن الجعد فرسين ، وقاد أبو عمرة الأنصاري فرسين ، قال : فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من كان له فرسان خمسة أسهم : أربعة لفرسيه ، وسهما له ، وما كان أكثر من فرسين ، لم يسهم له ، ويقال : إنه لم يسهم إلا لفرس واحد ، وأثبت ذلك أنه أسهم لفرس واحد ، ولم يسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لنفسه إلا لفرس واحد } ، مختصر .

                                                                                                        الحديث السادس عشر : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى سلمة بن الأكوع سهمين ، وهو [ ص: 283 ] راجل }قلت : أخرجه مسلم في حديث طويل في " باب بيعة الحديبية " عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة بن الأكوع ، قال : { قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة } ، فذكر الحديث بطوله ، إلى أن قال يعني سلمة : فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة ، ثم أعطاني سهمين : سهم الفارس وسهم الراجل ، فجمعهما إلي جميعا } ، مختصر .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " ، وقال : { كان سلمة بن الأكوع في تلك الغزاة راجلا ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الراجل } ، لما يستحقه ، وإنما أعطاه سهم الفارس أيضا من خمس خمسه صلى الله عليه وسلم دون أن يكون أعطاه من سهام المسلمين انتهى كلامه .

                                                                                                        ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال " حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عكرمة بن عمار عن إياس به ، وزاد في آخره : { وكان سلمة قد استنقذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم }.

                                                                                                        قال عبد الرحمن بن مهدي : فحدثت به سفيان ، فقال : خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى .

                                                                                                        قال أبو عبيد : وهذا عندي أولى من حمله على أنه أعطاه من سهمه الذي كان خاصا به عليه السلام ، إذ لو كان كذلك لم يسم نفلا ، وإنما هو هبة ، أو عطية ، أو نحلة انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية