الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( والحرز على نوعين : حرز لمعنى فيه كالبيوت والدور وحرز بالحافظ ) قال العبد الضعيف : الحرز لا بد منه ، لأن الاستسرار لا يتحقق دونه ، ثم هو قد يكون بالمكان وهو المكان المعد لإحراز الأمتعة كالدور والبيوت والصندوق والحانوت ، وقد يكون بالحافظ كمن جلس في الطريق أو في المسجد وعنده متاعه فهو محرز به ، وقد { قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرق رداء صفوان من تحت رأسه ، وهو نائم في المسجد }( وفي المحرز بالمكان لا يعتبر الإحراز بالحافظ ) هو الصحيح لأنه محرز بدونه وهو البيت ، وإن لم يكن له باب أو كان وهو مفتوح ، حتى يقطع السارق منه ; لأن البناء لقصد الإحراز إلا [ ص: 199 ] أنه لا يجب القطع إلا بالإخراج منه ، لقيام يده فيه قبله ، بخلاف المحرز بالحافظ حيث يجب القطع فيه كما أخذ لزوال يد المالك بمجرد الأخذ فتتم السرقة ، ولا فرق بين أن يكون الحافظ مستيقظا أو نائما والمتاع تحته أو عنده هو الصحيح لأنه يعد النائم عند متاعه حافظا له في العادة ، وعلى هذا لا يضمن المودع والمستعير بمثله ; لأنه ليس بتضييع بخلاف ما اختاره في الفتاوى .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث العاشر : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع رجلا سرق رداء صفوان ، من تحت رأسه ، وهو نائم في المسجد }قلت : أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه عن صفوان بن أمية فأبو داود ، والنسائي عن سماك بن حرب عن حميد بن أخت صفوان عن صفوان [ ص: 199 ] بن أمية ، وابن ماجه من طريق مالك عن الزهري عن عبد الله بن صفوان عن أبيه { أنه طاف بالبيت . وصلى ، ثم لف رداء له من برد ، فوضعه تحت رأسه ، فنام ، فأتاه لص فاستله من تحت رأسه ، فأخذه ، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن هذا سرق ردائي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أسرقت رداء هذا ؟ قال : نعم ، قال : اذهبا به ، فاقطعا يده ، فقال صفوان : ما كنت أريد أن تقطع يده في ردائي ، قال : فلولا كان قبل أن تأتيني به }

                                                                                                        ؟ انتهى .

                                                                                                        وزاد [ ص: 200 ] النسائي ، فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسند أبي داود رواه الحاكم في " المستدرك " ، ولفظه قال : { كنت نائما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي خميصة لي ثمنها ثلاثين درهما ، فجاء رجل فاختلسها مني ، فأخذ الرجل ، فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر به أن يقطع ، فقلت : من أجل ثلاثين درهما ؟ أنا أبيعه ، وأهبه ثمنها ، قال : فهلا كان قبل أن تأتيني به }؟ انتهى .

                                                                                                        وسكت عنه ، وحميد ابن أخت صفوان لم يرو عنه ، إلا سماك ، ولم ينبه عليه [ ص: 201 ] المنذري في " مختصره " ، وعند النسائي فيه طرق أخرى قال عبد الحق في " أحكامه " بعد أن ذكره من جهة النسائي : ورواه سماك بن حرب عن حميد ابن أخت صفوان عن صفوان بن أمية ، ورواه عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن صفوان ورواه أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس ورواه عمرو بن دينار عن طاوس عن صفوان ، ذكر هذه الطرق النسائي ورواه مالك في " الموطإ " عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان [ ص: 202 ] وروي من غير هذا الوجه ، ولا أعلمه يتصل من وجه صحيح انتهى .

                                                                                                        وبينه ابن القطان في " كتابه " فقال : أما حديث سماك فضعيف بحميد المذكور ، فإنه لا يعرف في غير هذا وقد ذكره ابن أبي حاتم بذلك ، ولم يزد عليه ، وذكره البخاري ، فقال : إنه حميد بن حجير ابن أخت صفوان بن أمية ، ثم ساق له هذا الحديث ، وهو كما قلنا : مجهول الحال ، وأما طريق عبد الملك بن أبي بشير ، فالظاهر أنها متقطعة ، فإنها من رواية عبد الملك عن عكرمة عن صفوان بن أمية ، وعكرمة لا أعرف أنه سمع من صفوان ، وإنما يرويه عن ابن عباس ، ومن دون عبد الملك إلى النسائي ثقات ، وعبد الملك وثقه ابن حنبل ، وابن معين ، وأبو زرعة ، ويحيى القطان ، وقال سفيان : كان شيخا صدوقا وأما طريق عمرو بن دينار فتشبه أنها متصلة ، قال ابن عبد البر : سماع طاوس من صفوان ممكن ، لأنه أدرك زمان عثمان وذكر يحيى القطان عن زهير عن ليث عن طاوس ، قال : أدركت سبعين شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه .

                                                                                                        وقال في " التنقيح " : حديث صفوان حديث صحيح ، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ، وأحمد في " مسنده " من غير وجه عنه ، انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية