الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 252 - 257 ] ( والمسح على ظاهرهما خطوطا بالأصابع ، يبدأ من قبل الأصابع إلى الساق ) لحديث المغيرة { أن النبي عليه الصلاة والسلام وضع يديه على خفيه ومدهما من الأصابع إلى أعلاهما مسحة واحدة ، وكأني أنظر إلى أثر المسح على خف رسول الله عليه الصلاة والسلام خطوطا بالأصابع }" ثم المسح على الظاهر حتم حتى لا يجوز على باطن الخف وعقبه وساقه ; لأنه معدول به عن القياس فيراعى فيه جميع ما ورد به الشرع والبداءة من الأصابع استحباب اعتبارا بالأصل وهو الغسل ( وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من [ ص: 258 ] أصابع اليد ) وقال الكرخي رحمه الله تعالى: من أصابع الرجل ، والأول أصح اعتبارا لآلة المسح .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثاني : روى المغيرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يديه على خفيه ومدهما من [ ص: 258 ] الأصابع إلى أعلاهما مسحة واحدة ، وكأني أنظر إلى أثر المسح على خف رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوطا بالأصابع }قلت : غريب ، ويقرب منه ما رواه ابن أبي شيبة " في مصنفه " حدثنا الحنفي عن أبي عامر الخزاز ثنا الحسن عن المغيرة بن شعبة ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ، ثم جاء حتى توضأ ومسح على خفيه ، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن ، ويده اليسرى على خفه الأيسر ، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى أنظر إلى أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين }انتهى .

                                                                                                        قال " في الإمام " : ورواه أبو أسامة عن أشعث عن الحسن به ، ولم يعزه .

                                                                                                        { حديث آخر } يقرب منه ، رواه ابن ماجه في " سننه " من حديث بقية عن جرير بن يزيد حدثني منذر عن محمد بن المنكدر عن جابر ، قال : { مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ ، ويغسل خفيه ، فقال : بيده كأنه دفعه إنما أمرت بالمسح ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده هكذا : من أطراف الأصابع إلى أصل الساق وخطط بالأصابع }. انتهى .

                                                                                                        قال صاحب " التنقيح " : وجرير هذا ليس بمشهور ، ولم يرو عنه غير بقية [ ص: 259 ] ومنذر هذا كأنه ابن زياد الطائي ، وقد كذبه الفلاس ، وقال الدارقطني : متروك ، ولم يخرج ابن ماجه لجرير ، ومنذر غير هذا الحديث انتهى كلامه .

                                                                                                        وهذا الحديث مما استدركه شيخنا أبو الحجاج المزي على ابن عساكر ، إذ لم يذكره في " أطرافه " وكأنه ليس في بعض نسخ ابن ماجه ، وأنا وجدته في نسخة ولم أجده في أخرى ، والله أعلم .

                                                                                                        حديث آخر : أخرجه الطبراني في " معجمه الوسط " عن بقية عن جرير بن يزيد الحميري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله ، قال : { مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ ، وهو يغسل خفيه ، فنخسه بيده ، وقال : إنما أمرنا بالمسح هكذا ، وأراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة ، وفرج بين أصابعه }انتهى .

                                                                                                        قال : لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به بقية .

                                                                                                        حديث آخر في الباب

                                                                                                        أخرجه أبو داود عن عبد خير عن { علي قال : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح عن أعلاه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه }انتهى . قال البيهقي : والمرجع فيه إلى عبد خير ، وهو لم يحتج به [ " صاحبا الصحيح " ] .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى ابن أبي شيبة في " مسنده " حدثنا زيد بن الحباب عن خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على ظهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان } ، انتهى .

                                                                                                        ورواه الدارقطني بلفظ : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح على ظهر الخف ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة }انتهى . لم يذكر الطهارة ، قال في " الإمام " : ورواه الفقيه أبو بكر بن الجهم المالكي في " كتابه " فقال : على الخفين ، لم يذكر الطهر ، قال : وخالد بن أبي بكر هذا هو " ابن عبيد الله بن عبد الله بن عمر " ، انتهى كلامه . [ ص: 260 ] وأما حديث الوليد بن مسلم

                                                                                                        أخبرني ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة ، قال : { وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فمسح أعلى الخف وأسفله }انتهى .

                                                                                                        فأخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وهو ضعيف ، قال أبو داود : بلغني أن ثورا لم يسمعه من رجاء ، وقال الترمذي : حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد ، وسألت محمدا وأبا زرعة عن هذا الحديث ، فقالا : ليس بصحيح ; لأن ابن المبارك رواه عن ثور عن رجاء قال : حدثت ، عن كاتب المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل ، وقال الدارقطني في " العلل " : هذا حديث لا يثبت ; لأن ابن المبارك رواه عن ثور بن يزيد مرسلا انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ في " الإمام " : وهذا الذي أشاروا إليه ذكره الأثرم عن أحمد بن حنبل ، فقال : سمعت أحمد بن حنبل يضعف هذا الحديث ، ويذكر أنه ذكره لعبد الرحمن بن مهدي ، فذكر عن ابن المبارك عن ثور ، قال : حدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فأفسده من وجهه حين قال : حدثت عن رجاء ، وحين أرسل ، فلم يسنده ، قال الشيخ : وقد روى الدارقطني هذا الحديث ، فقال فيه : حدثنا رجاء فالله أعلم انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية