الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3788 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله ، لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله " . متفق عليه .

التالي السابق


3788 - ( وعنه ) : أي عن أبي هريرة رضي الله عنه ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم ) : أي بالصلاة والطاعة والعبادة ، أو المراد به الواقف في الصلاة دون القاعد ( القانت بآيات الله ) ; أي القارئ بها . وقال شارح : المراد به القارئ للقرآن في الصلاة . قال صاحب النهاية : القنوت في الحديث يرد لمعان متعددة ، كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام وطول القيام والسكوت . قال الطيبي : يحتمل أن يراد هنا بالقانت القائم ، فيكون تعلق الباء به كتعلقه في قولك : قام بالأمر إذا جد فيه وتجلد له ، فالمعنى القائم بما يجب عليه من استفراغ الجهد في معرفة كتاب الله ، والامتثال بما أمر به ، والانتهاء عما نهى عنه ، وأن يراد به طول القيام فيكون تابعا للقائم ; أي المصلي الذي يطول قيامه في الصلاة ، فتكثر قراءته فيها ، ويؤيد الوجه الثاني قوله : ( لا يفتر من صيام ولا صلاة ) . ويفتر كينصر ; أي : لا يسأم ولا يمل من العبادة ( حتى يرجع المجاهد في سبيل الله ) . أي : إلى بيته ، أو حتى ينصرف عن جهاده . قال الطيبي : فإن قلت : فيما شبهت حال المجاهد بحال الصائم القائم ؟ قلت : في نيل الثواب الجزيل بكل حركة وسكون في كل حين وأوان ; لأن المراد من الصائم القائم من لا يفتر ساعة من ساعاته آناء الليل وأطراف النهار من صيامه وصلاته ، شبه المجاهد الذي لا يضيع لمحة من لمحاته من أجر وثواب ، سواء كان قائما ، أو نائما يقاتل العدو أم لا . بالصائم القائم الذي لا يفتر عما هو فيه ، فهو من التشبيه الذي المشبه به مفروض غير محقق ، وهو من قوله تعالى : ( ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ) الآيتين . ( متفق عليه ) .

قال ابن الهمام : عن أبي هريرة قيل : يا رسول الله ! ما يعدل الجهاد في سبيل الله ؟ قال " لا تستطيعونه " . فأعادوا عليه مرتين ، أو ثلاثا كل ذلك يقول : " لا تستطيعونه " . ، ثم قال : " مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله ، لا يفتر عن صلاته ، ولا صيامه ، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله " . وفي الجامع الصغير : " مثل المجاهد في سبيل الله - والله أعلم بمن يجاهد في سبيله - كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام ولا صدقة حتى يرجع ، وتوكل الله تعالى للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة ، أو يرجعه سالما مع أجر ، أو غنيمة " . رواه الشيخان والترمذي والنسائي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه .




الخدمات العلمية