الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5411 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=10366496لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ، وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين ، حمر الوجوه ، ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة " . متفق عليه .
5411 - ( وعنه ) أي : عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=treesubj&link=30222لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ) : بفتحتين وسكون العين ، أي : من جلود مشعرة غير مدبوغة ، ( " nindex.php?page=treesubj&link=30223وحتى تقاتلوا الترك " ) ، قال السدي : من الترك شرذمة يأجوج ومأجوج ، وعن قتادة أنهم كانوا اثنتين وعشرين قبيلة ، بنى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين ، وبقيت واحدة ، وهي الترك ; سموا بذلك لأنهم تركوا خارجين ، ( " nindex.php?page=treesubj&link=30222صغار الأعين " ) : بالنصب وهو من أمارات الحرص على أمتعة الدنيا صغيرها وحقيرها ، والبخل على نقيرها وقطميرها ، ( حمر الوجوه ) أي : من شدة حرارة باطنهم ، وغليان الغضب في أجوافهم ، ( ذلف الأنوف ) بضم الذال المعجمة أي : صغيرها ، فيكون كناية عن عدم شمومهم الحق ، أو عريضها فيدخل فيها الحق والباطل من غير تمييز لهم بينهما ، والأظهر أن معناه فطس الأنوف ، كما في الرواية الآتية جمع أفطس من الفطس بالتحريك ، وهو تطامن قصبة الأنف وانخفاضها وانتشارها ، فيرجع إلى معنى عريضها . وقال القاضي : ذلف جمع أذلف ، وهو الذي يكون أنفه صغيرا ، ويكون في طرفه غلظ . ( " كأن " ) : بتشديد النون ( " وجوههم المجان " ) : بفتح الميم وتشديد النون جمع المجن بكسر الميم ، وهو الترس ، ( " المطرقة " ) بضم الميم وفتح [ ص: 3408 ] الراء المخففة المجلدة طبقا فوق طبق ، وقيل : هي التي ألبست طراقا أي جلدا يغشاها ، وقيل : هي اسم مفعول من الإطراق ، وهو جعل الطراق بكسر الطاء أي : الجلد على وجه الترس ، اهـ . شبه وجوههم بالترس لتبسطها وتدويرها ، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها ، وفيه إشارة إلى أنهم لكبر وجوههم وإدارتها وكثرة لحمها ويبوستها أبوا الوجوه الطامعة في المال والأهل ، ليس فيها لينة الإنسانية ، ولا ملاءمة الإحسانية ، بل كأنهم نوع آخر من جنس الناس ينبغي أن يقال : إنهم نسناس ، ويكفي في ذمهم أنهم فضلة يأجوج ومأجوج ومن إخوانهم ، وأنموذج وعينة من أعيانهم ، فلا شك أنهم يكونون في غاية من الفساد ، ونهاية من الضرر للعباد والبلاد ، ولا أرانا الله وجوههم إلى يوم الميعاد .
قال القاضي - رحمه الله : وقد ورد ذلك في الحديث الذي بعده صفة لخوز وكرمان ، ولو لم يكن ذلك من بعض الرواة ، فلعل المراد بهما صفتان من الترك كأن أحد أصول أحدهما من خوز ، وأحد أصول الآخر من كرمان ، فسماهم الرسول - صلى الله تعالى عليه وسلم - باسمه ، وإن لم يشتهر عندنا ، كما نسبهم إلى قنطوراء ، وهي أمة كانت لإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ولعل المراد بالموعود في الحديث ما وقع في هذا العصر بين المسلمين والترك ، اهـ . والأقرب أنه إشارة إلى قضية جنكين ، وما وقع له من الفساد وخصوصا في بغداد ، والله رؤوف بالعباد . ( متفق عليه ) .