( والثاني ) وصل التكبير بآخر السورة ، والقطع عليه ، والقطع على البسملة ، وهو فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح نص عليه أبو معشر في تلخيصه ، ونقله عن الخزاعي عن البزي ، ونص عليه أيضا أبو عبد الله الفاسي وأبو إسحاق الجعبري في شرحيهما ، وابن مؤمن في كنزه ، وهذان الوجهان جاريان على قواعد من ألحق التكبير بآخر السورة وإن لم يذكرهما نصا إلا أن ظاهر كلام في تبصرته منعهما معا ، فإنه قال : ولا يجوز مكي المؤتنفة فيظهر من هذا اللفظ منع هذين الوجهين ، وهو مخالف لما اقتضاه كلامه حيث قال : أولا يكبر من خاتمة " والضحى " إلى آخر القرآن مع خاتمة كل سورة ، وكذلك إذ قرأ الوقف على التكبير دون أن يصله بالبسملة ، ثم بأول السورة قل أعوذ برب الناس فإنه يكبر ويبسمل فإن ظاهره أن التكبير لآخر السورة ، ولا سيما وقد [ ص: 433 ] أثبته في آخر ( الناس ) وهذا مشكل من كلامه فإنه لو كان قائلا بأن التكبير لأول السورة لكان منعه لهما ظاهرا - والله أعلم - .
وأما الوجهان اللذان على تقدير كون التكبير لأول السورة فإن الأول منهما قطعه عن آخر السورة ووصله بالبسملة ووصل البسملة بأول السورة الآتية ، وهو فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح نص عليه ، وهو اختيار أبو طاهر بن سوار أبي العز القلانسي وابن شيطا والحافظ أبي العلاء فيما نقله عنهم ابن مؤمن في الكنز ، وهو مذهب سائر من جعل التكبير لأول السورة ، وذكره صاحب التجريد وصاحب التيسير عن بعض أهل الأداء ، وقال فيه وفي جامع البيان : إنه قرأ به على أبي القاسم الفارسي عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي ، وذكره المهدوي أيضا .
( قلت ) : وهذا من المواضع التي خرج فيها عن طرق التيسير اختيارا منه ، وحكاه أبو معشر الطبري في تلخيصه ، وهو الوجه الثاني في الكافي ، ونص عليه في المبهج عن البزي من غير طريق الخزاعي عنه ، وعن من غير طريق قنبل ابن خشنام وابن الشارب ، ولم يذكر في كفايته سواه ، وقال أبو علي في الروضة اتفق أصحاب ابن كثير على أن التكبير منفصل من القرآن لا يخلط به ، وكذلك حكى أبو العز في الإرشاد الاتفاق عليه ، وكذا في الكفاية إلا من طريق الفحام والمطوعي فإنهما قالا : إن شئت وقفت على التكبير يعني بعد قطعه عن السورة الماضية وابتدأت بالتسمية موصولة بالسورة ، وهذا الوجه يأتي في الثلاثة الباقية ، وهو من الثاني منها ، وكذا ذكر الحافظ أبو العلاء في الغاية قال : سوى الفحام ذكر له التخيير بين هذا الوجه وبين الوجه المتقدم كما قال أبو العز والوجه الثاني منهما قطع التكبير عن آخر السورة ووصله بالبسملة والسكت ، ثم الابتداء بأول السورة ، وهو فحدث [ ص: 434 ] الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح نص عليه ابن مؤمن في الكنز ، وهو ظاهر من كلام الشاطبي ، ونص عليه الفاسي في شرحه ، ومنعه الجعبري ، ولا وجه لمنعه إلا على تقدير أن يكون التكبير لآخر السورة وإلا فعلى أن يكون لأولها لا يظهر لمنعه وجه إذ غايته أن يكون كالاستعاذة ، ولا شك في جواز وصلها بالبسملة ، وقطع البسملة عن القراءة كما تقدم في بابها ، وهذان الوجهان يظهران من نص الإمام أبي الحسن السعيدي الذي ذكرناه في حكم الإتيان به في الصلاة - والله أعلم - .
وأما على كل من التقديرين ( فالأول منها ) وصل الجميع أي وصل التكبير بآخر السورة والبسملة به وبأول السورة ، وهو الثلاثة الأوجه الباقية الجائزة فحدث الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح نص عليه الداني ، وذكره في التجريد ، وهو اختيار صاحب الهداية ونقله في المبهج عن والشاطبي البزي من طريق الخزاعي . ( والثاني ) منها قطع التكبير عن آخر السورة ، وعن البسملة ووصل البسملة بأول السورة ، وهو فحدث ، الله أكبر ، بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح نص عليه أبو معشر في التلخيص ، واختاره المهدوي ، ونص عليه أيضا ابن مؤمن ، وقال : إنه اختيار طاهر بن غلبون .
( قلت ) : ولم أره في التذكرة ، وذكره صاحب التجريد ونقله فيه أيضا عن شيخه الفارسي ، وهو الذي ذكره أبو العز في الكفاية عن الفحام والمطوعي كما قدمنا ، وكذا نقله عن أبو العلاء الحافظ الفحام ويظهر من كلام الشاطبي ، ونص عليه الفاسي والجعبري ، وغيرهما من الشراح ، وهو ظاهر نص في كتابه المنهاج في شعب الإيمان قال بعد أن ذكر الإمام أبي عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي أنه كلما ختم سورة وقف وقفة ، ثم قال : الله أكبر ووقف وقفة ، ثم ابتدأ السورة التي تليها إلى آخر القرآن ، ثم كبر [ ص: 435 ] ( والثالث ) منها : قطع الجميع أي قطع التكبير عن السورة الماضية ، وعن البسملة ، وقطع البسملة عن السورة الآتية ، وهو التكبير من " والضحى " إلى آخر ( الناس ) : وصفة التكبير في أواخر هذه السورة فحدث الله أكبر ، بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح يظهر هذا الوجه من كلام الحافظ أبي عمرو في جامع البيان حيث قال : فإن لم توصل - يعني التسمية بالتكبير - جاز القطع عليها ، وذلك بعد أن قدم جواز القطع على التكبير ، ثم ذكر القطع على آخر السورة فكان هذا الوجه كالنص من كلامه ، ونص عليه ابن مؤمن في الكنز ، وكل من الفاسي والجعبري في الشرح ، وهو ظاهر من كلام الشاطبي ولكن ظاهر كلام المتقدم منعه ، بل هو صريح نصه في الكشف حيث منع في وجه البسملة بين السورتين قطعها عن الماضية والآتية كما تقدم التنبيه عليه في باب البسملة ، ولا وجه لمنع هذا الوجه على كلا التقديرين ، والحاصل أن هذه الأوجه السبعة جائزة على ما ذكرنا عمن ذكرنا ، قرأ بها على كل من قرأت عليه من الشيوخ ، وبها آخذ ، ونص عليها كلها مكي الأستاذ أبو محمد عبد الله بن عبد المؤمن الواسطي في كنزه ويتأتى على كل من التقديرين المذكورين خمسة أوجه ، وهي الوجهان المختصان بأحد التقديرين ، والثلاثة الجائزة على التقديرين .