كلا
عند كلا : مركبة ثعلب من كاف التشبيه ولا الثانية النافية ، شددت لامها لتقوية المعنى ، ولدفع توهم بقاء معنى الكلمتين .
وقال غيره : بسيطة ، فقال والأكثرون : سيبويه ، لا معنى لها عندهم إلا ذلك ; حتى إنهم يجيزون أبدا الوقف عليها والابتداء بما بعدها ; وحتى قال جماعة منهم : متى سمعت كلا في سورة فاحكم بأنها مكية ; لأن فيها معنى التهديد والوعيد ، وأكثر ما نزل ذلك حرف معناه الردع والزجر بمكة ; لأن أكثر العتو كان بها .
قال ابن هشام : وفيه نظر ; لأنه لا يظهر معنى الزجر في نحو : ما شاء ركبك كلا [ الانفطار : 8 - 9 ] . يوم يقوم الناس لرب العالمين كلا [ المطففين : 6 - 7 ] ثم إن علينا بيانه كلا [ القيامة : 19 - 20 ] ، وقولهم : انته عن ترك الإيمان بالتصوير في أي صورة شاء الله ، وبالبعث ، وعن العجلة بالقرآن ، تعسف ; إذ لم تتقدم في الأوليين حكاية نفي ذلك عن أحد ، ولطول الفصل في الثالثة بين كلا وذكر العجلة . وأيضا فإن أول ما نزل خمس آيات من أول سورة العلق ، ثم نزل : كلا إن الإنسان ليطغى [ العلق : 6 ] فجاءت في افتتاح الكلام .
ورأى آخرون أن معنى الردع والزجر ليس مستمرا فيها ، فزادوا معنى ثانيا يصح عليه أن يوقف دونها ويبتدأ بها .
ثم اختلفوا في تعيين ذلك المعنى :
فقال : تكون بمعنى حقا . الكسائي
[ ص: 514 ] وقال أبو حاتم : بمعنى ( ألا ) الاستفتاحية ، قال أبو حيان : ولم يسبقه إلى ذلك أحد ، وتابعه جماعة . منهم . الزجاج
وقال : حرف جواب بمنزلة : أي ونعم ، وحملوا عليه : النضر بن شميل كلا والقمر [ المدثر : 32 ] .
وقال الفراء : بمعنى سوف ، وحكاه وابن سعدان أبو حيان في تذكرته .
قال : وإذا كان بمعنى حقا فهي اسم ، وقرئ : مكي كلا سيكفرون بعبادتهم [ مريم : 82 ] . بالتنوين ، ووجه بأنه مصدر كل إذا أعيا ، أي : كلوا في دعواهم وانقطعوا ، أو من الكل وهو الثقل ، أي : حملوا كلا .
وجوز كونه حرف ردع نون ، كما في سلاسلا [ الإنسان : 4 ] . الزمخشري
ورده أبو حيان بأن ذلك إنما صح في ( سلاسلا ) ; لأنه اسم أصله التنوين ، فرجع به إلى أصله للتناسب .
قال ابن هشام : وليس التوجيه منحصرا عند في ذلك ، بل جوز كون التنوين بدلا من حرف الإطلاق المزيد في رأس الآية . ثم أنه وصل بنية الوقف . الزمخشري