تنبيه
وكان قد يتجاذب الإعراب والمعنى الشيء الواحد ، أبو علي الفارسي يلم به كثيرا ، وذلك أنه يوجد في الكلام أن المعنى يدعو إلى أمر ، والإعراب يمنع منه ، قالوا : والتمسك بصحة المعنى يئول لصحة الإعراب ، وذلك كقوله تعالى : إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر ( الطارق : 8 و 9 ) فالظرف الذي هو يوم يقتضي المعنى أن يتعلق بالمصدر الذي هو " رجع " ، أي : أنه على رجعه في ذلك اليوم لقادر ، لكن الإعراب يمنع منه ; لعدم جواز الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي ، يجعل العامل فيه فعلا مقدرا دل عليه المصدر .
وكذا قوله سبحانه : لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون ( المؤمن : 10 ) فالمعنى يقتضي تعلق إذ بالمقت ، والإعراب يمنعه ; للفصل بين المصدر ومعموله بالخبر ، فيقدر له فعل يدل عليه المقت .
وكذلك قوله تعالى : أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير ( العاديات : 9 و 10 و 11 ) فالمعنى : أن العامل في إذ ( خبير ) والإعراب يمنعه ; لأن ما بعده إن لا يعمل فيما قبلها ، فاقتضى أن يقدر له العامل .