[ ص: 293 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84nindex.php?page=treesubj&link=28974_28639قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
كما ختم - تعالى - آية دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=64فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون [ 3 : 64 ] جاء هنا بعد ذكر توليتهم عن الإسلام يأمرنا بالإقرار به فقال مخاطبا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84قل آمنا بالله أي آمنت أنا ومن معي بوجود الله ووحدانيته وكماله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وما أنزل علينا من كتابه بالتفصيل وهذه الآية نظير قوله - تعالى - في سورة البقرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا [ 2 : 136 ] إلخ وقد عدي الإنزال هناك بـ " إلى " الدالة على الغاية والانتهاء ، وهنا بـ " على " التي للاستعلاء وكلا المعنيين صحيح ، كما قال في الكشاف راميا بالتعسف من فرق بين التعديتين باختلاف المأمور بالقول في الآيتين إذ هو هناك المؤمنون وهاهنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأن التعدية بـ " إلى " وردت في خطاب النبي ، والتعدية بـ " على " وردت في خطاب غيره في آيات أخرى . وقدم الإيمان بالله على الإيمان بإنزال الوحي لأنه الأصل الأول المقصود بالذات والوحي فرع له ، إذ هو وحيه - تعالى - إلى رسله .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط أي وآمنا بما أنزل على هؤلاء بالإجمال أي صدقنا بأن الله - تعالى - أنزل عليهم وحيا لهداية أقوامهم ، وأنه موافق لما أنزل علينا في أصله وجوهره والقصد منه أخبرنا الله - تعالى - في مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قد أفلح من تزكى [ 87 : 14 ] إلى آخر السورة وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=36أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم [ 35 : 36 ، 37 ] إلخ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده [ 4 : 163 ] إلخ . وأما عين ما أوحي إليهم فلم يبق منه في أيدي الأمم شيء يعتمد على نقله وما أوتي
موسى وعيسى من التوراة للأول والإنجيل للثاني ، ( و ) ما أوتي النبيون من ربهم
كداود وسليمان وأيوب وغيرهم ممن لم يقص الله علينا خبرهم ، فإن منهم من قصه علينا ومنهم من لم يقصصه ، فإذا ثبت عندنا أن نبيا ظهر في
الهند أو
الصين قبل ختم النبوة نؤمن به . وارجع إلى آية البقرة في استبانة الفرق بين التعبير بالإنزال والتعبير بالإتيان ، قال
[ ص: 294 ] الأستاذ الإمام : وقد قدم الإيمان بما أنزل علينا على الإيمان بما أنزل على من قبلنا مع كونه أنزل قبله في الزمن ; لأن ما أنزل علينا هو الأصل في معرفة ما أنزل عليهم والمثبت له ولا طريق لإثباته سواه ; لانقطاع سند تلك وفقد بعضها ووقوع الشك فيما بقي منها . فما أثبته كتابنا من نبوة كثير من الأنبياء نؤمن به إجمالا فيما أجمل وتفصيلا فيما فصل ، وما أثبته لهم من الكتب كذلك ، نؤمن بأن أصول ما جاءوا به واحدة وهي الإيمان بالله وإسلام القلوب له والإيمان بالآخرة والعمل الصالح مع الإخلاص . فكما
nindex.php?page=treesubj&link=28653أن الإيمان بالله أصل للإيمان بما أنزل علينا كذلك ما أنزل علينا أصل للإيمان بما أنزل عليهم فقدم عليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84لا نفرق بين أحد منهم كما يفرق
أهل الكتاب فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، ولا نفرق بينهم في الدين ، فنقول : بعضهم على حق وبعضهم على باطل ، بل نقول : إنهم كانوا جميعا على الحق لا خلاف بينهم في الأصول والمقاصد ، فمثلهم كمثل الولاة الصادقين يرسلهم الملك العادل متعاقبين لعمارة الولاية وإصلاح أهلها ، وما يكون من التغيير في بعض قوانينهم إنما يكون بحسب حال الولاية وأهلها ، والمقصد واحد وهو العمران والإصلاح
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84ونحن له مسلمون منقادون بالرضا والإخلاص منصرفون عن أهوائنا وشهواتنا في الدين لا نتخذه جنسية لأجل حظوظ الدنيا وإنما نبتغي به التقرب إليه - تعالى - بإصلاح النفوس وإخلاص القلوب والعروج بالأرواح ، إلى سماء الكرامة والفلاح .
[ ص: 293 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84nindex.php?page=treesubj&link=28974_28639قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
كَمَا خَتَمَ - تَعَالَى - آيَةَ دَعْوَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=64فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [ 3 : 64 ] جَاءَ هُنَا بَعْدَ ذِكْرِ تَوْلِيَتِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ يَأْمُرُنَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَقَالَ مُخَاطِبًا لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ أَيْ آمَنْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِي بِوُجُودِ اللَّهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَكَمَالِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ بِالتَّفْصِيلِ وَهَذِهِ الْآيَةُ نَظِيرَ قَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا [ 2 : 136 ] إِلَخْ وَقَدْ عُدِّيَ الْإِنْزَالُ هُنَاكَ بِـ " إِلَى " الدَّالَّةِ عَلَى الْغَايَةِ وَالِانْتِهَاءِ ، وَهُنَا بِـ " عَلَى " الَّتِي لِلِاسْتِعْلَاءِ وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ صَحِيحٌ ، كَمَا قَالَ فِي الْكَشَّافِ رَامِيًا بِالتَّعَسُّفِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ التَّعَدِّيَتَيْنِ بِاخْتِلَافِ الْمَأْمُورِ بِالْقَوْلِ فِي الْآيَتَيْنِ إِذْ هُوَ هُنَاكَ الْمُؤْمِنُونُ وَهَاهُنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; لِأَنَّ التَّعْدِيَةَ بِـ " إِلَى " وَرَدَتْ فِي خِطَابِ النَّبِيِّ ، وَالتَّعْدِيَةَ بِـ " عَلَى " وَرَدَتْ فِي خِطَابِ غَيْرِهِ فِي آيَاتٍ أُخْرَى . وَقَدَّمَ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ عَلَى الْإِيمَانِ بِإِنْزَالِ الْوَحْيِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْأَوَّلُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ وَالْوَحْيُ فَرْعٌ لَهُ ، إِذْ هُوَ وَحْيُهُ - تَعَالَى - إِلَى رُسُلِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ أَيْ وَآمَنَّا بِمَا أُنْزِلَ عَلَى هَؤُلَاءِ بِالْإِجْمَالِ أَيْ صَدَّقْنَا بِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ وَحْيًا لِهِدَايَةِ أَقْوَامِهِمْ ، وَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا فِي أَصْلِهِ وَجَوْهَرِهِ وَالْقَصْدِ مِنْهُ أَخْبَرَنَا اللَّهُ - تَعَالَى - فِي مِثْلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى [ 87 : 14 ] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=36أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ [ 35 : 36 ، 37 ] إِلَخْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ [ 4 : 163 ] إِلَخْ . وَأَمَّا عَيْنُ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي أَيْدِي الْأُمَمِ شَيْءٌ يُعْتَمَدُ عَلَى نَقْلِهِ وَمَا أُوتِيَ
مُوسَى وَعِيسَى مِنَ التَّوْرَاةِ لِلْأَوَّلِ وَالْإِنْجِيلِ لِلثَّانِي ، ( وَ ) مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ
كَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا خَبَرَهُمْ ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَصَّهُ عَلَيْنَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقْصُصْهُ ، فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ نَبِيًّا ظَهَرَ فِي
الْهِنْدِ أَوِ
الصِّينِ قَبْلَ خَتْمِ النُّبُوَّةِ نُؤْمِنُ بِهِ . وَارْجِعْ إِلَى آيَةِ الْبَقَرَةِ فِي اسْتِبَانَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالْإِنْزَالِ وَالتَّعْبِيرِ بِالْإِتْيَانِ ، قَالَ
[ ص: 294 ] الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : وَقَدْ قُدِّمَ الْإِيمَانُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا عَلَى الْإِيمَانِ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا مَعَ كَوْنِهِ أُنْزِلَ قَبْلَهُ فِي الزَّمَنِ ; لِأَنَّ مَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا هُوَ الْأَصْلُ فِي مَعْرِفَةِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ وَالْمُثْبِتُ لَهُ وَلَا طَرِيقَ لِإِثْبَاتِهِ سِوَاهُ ; لِانْقِطَاعِ سَنَدِ تِلْكَ وَفَقْدِ بَعْضِهَا وَوُقُوعِ الشَّكِّ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا . فَمَا أَثْبَتَهُ كِتَابُنَا مِنْ نُبُوَّةِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نُؤْمِنُ بِهِ إِجْمَالًا فِيمَا أُجْمِلَ وَتَفْصِيلًا فِيمَا فُصِّلَ ، وَمَا أَثْبَتَهُ لَهُمْ مِنَ الْكُتُبِ كَذَلِكَ ، نُؤْمِنُ بِأَنَّ أُصُولَ مَا جَاءُوا بِهِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَإِسْلَامُ الْقُلُوبِ لَهُ وَالْإِيمَانُ بِالْآخِرَةِ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ مَعَ الْإِخْلَاصِ . فَكَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=28653أَنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ أَصِلٌ لِلْإِيمَانِ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا كَذَلِكَ مَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا أَصْلٌ لِلْإِيمَانِ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ كَمَا يُفَرِّقُ
أَهْلُ الْكِتَابِ فَيُؤْمِنُونَ بِبَعْضٍ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ، وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ فِي الدِّينِ ، فَنَقُولُ : بَعْضُهُمْ عَلَى حَقٍّ وَبَعْضُهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ، بَلْ نَقُولُ : إِنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا عَلَى الْحَقِّ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْأُصُولِ وَالْمَقَاصِدِ ، فَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الْوُلَاةِ الصَّادِقِينَ يُرْسِلُهُمُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ مُتَعَاقِبِينَ لِعِمَارَةِ الْوِلَايَةِ وَإِصْلَاحِ أَهْلِهَا ، وَمَا يَكُونُ مِنَ التَّغْيِيرِ فِي بَعْضِ قَوَانِينِهِمْ إِنَّمَا يَكُونُ بِحَسْبِ حَالِ الْوِلَايَةِ وَأَهْلِهَا ، وَالْمَقْصِدُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعُمْرَانُ وَالْإِصْلَاحُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ مُنْقَادُونَ بِالرِّضَا وَالْإِخْلَاصِ مُنْصَرِفُونَ عَنْ أَهْوَائِنَا وَشَهَوَاتِنَا فِي الدِّينِ لَا نَتَّخِذُهُ جِنْسِيَّةً لِأَجْلِ حُظُوظِ الدُّنْيَا وَإِنَّمَا نَبْتَغِي بِهِ التَّقَرُّبَ إِلَيْهِ - تَعَالَى - بِإِصْلَاحِ النُّفُوسِ وَإِخْلَاصِ الْقُلُوبِ وَالْعُرُوجِ بِالْأَرْوَاحِ ، إِلَى سَمَاءِ الْكَرَامَةِ وَالْفَلَاحِ .