من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون لما تقدم ذكر المهتدين والضالين أخبر تعالى : أنه هو المتصرف فيهم بما شاء من هداية وضلال ، وتقرر من مذهب أهل السنة أنه تعالى هو خالق الهداية والضلال في العبد ، وللمعتزلة في هذا ونظائره تأويلات ، قال الجبائي : وهو اختيار القاضي من يهد الله إلى الجنة والثواب في الآخرة فهو المهتدي في الدنيا السالك طريق الرشد فيما كلف ، فبين أنه لا يهدي إلى الثواب في الآخرة إلا من هذا وصفه ، ومن يضلله عن طريق الجنة : فأولئك هم الخاسرون ، وقال بعضهم : في الكلام حذف ، أي : من يهد الله فيقبل ويهتدي بهداه فهو المهتدي ومن يضلل بأن لم يقبل فهو الخاسر ، وقال بعضهم : المراد من وصفه الله بأنه مهتد : فهو المهتدي ; لأن ذلك مدح ، ومدح الله لا يحصل إلا في حق من كان موصوفا بذلك ومن يضلل ، أي : ومن يصفه بكونه ضالا فهو الخاسر ، وقال بعضهم : من آتيناه الألطاف وزيادة الهدى فهو المهتدي : ومن يضلل عن ذلك لما تقدم منه بسوء اختياره ، فأخرج لهذا السبب تلك الألطاف من أن تؤثر فيه فهو الخاسر ، وهذه التأويلات كلها متكلفة بعيدة ، وظاهر الآية يرد على القدرية والمعتزلة ، و فهو المهتدي حمل على لفظ من ، و فأولئك هم الخاسرون حمل على معنى من ، وحسنه كونه فاصلة رأس آية .