( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ) لما ذكر تعالى أن هذا الكتاب أنزل إلى الرسول أمر الأمة باتباعه ، وما أنزل إليكم يشمل القرآن والسنة لقوله : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) ونهاهم عن ابتغاء أولياء من دون الله كالأصنام والرهبان والكهان والأحبار والنار والكواكب وغير ذلك . والظاهر أن الضمير في ( من دونه ) عائد على ( ربكم ) . وقيل على ما ، وقيل على الكتاب ، والمعنى : لا تعدلوا عنه إلى الكتب المنسوخة . وقيل أراد بالأولياء الشياطين شياطين الجن والإنس وإنهم الذين يحملون على عبادة الأوثان والأهواء والبدع ويضلون عن دين الله . وقرأ الجحدري : ابتغوا من الابتغاء . وقرأ مجاهد : " ولا تبتغوا " من الابتغاء أيضا ، والظاهر أن الخطاب هو لجميع الناس . وقال ومالك بن دينار وحكاه ، التقدير : قل اتبعوا ، فحذف القول لدلالة الإنذار المتقدم الذكر عليه وانتصب ( الطبري قليلا ) على أنه نعت لمصدر محذوف و " ما " زائدة ، أي : يتذكرون تذكرا قليلا ، أي : حيث يتركون دين الله ويتبعون غيره . وأجاز الحوفي أن يكون نعتا لمصدر محذوف والناصب له ولا تتبعوا ، أي اتباعا قليلا . وحكى ابن عطية عن الفارسي : إن " ما " موصولة بالفعل وهي مصدرية . انتهى . وتمم غيره هذا الإعراب بأن نصب قليلا على أنه نعت لظرف محذوف ، أي : زمانا قليلا ، نذكركم أخبر أنهم لا يدعون الذكر إنما يعرض لهم في زمان قليل و ( ما تذكرون ) في موضع رفع على أنه مبتدأ والظرف قبله في [ ص: 268 ] موضع الخبر وأبعد من ذهب إلى أن " ما " نافية . وقرأ حفص والأخوان ( تذكرون ) بتاء واحدة وتخفيف الذال ، وقرأ ابن عامر ( يتذكرون ) بالياء والتاء وتخفيف الذال ، وقرأ باقي السبعة بتاء الخطاب وتشديد الذال وقرأ ، أبو الدرداء ، وابن عباس وابن عامر في رواية بتاءين ، وقرأ مجاهد بياء وتشديد الذال .