[ ص: 205 ] قبل : جمع قبيل كرغيف ورغف ، ومعناه جماعة أو كقبل ، أو مفرد بمعنى قبل ، أي مواجهة ومقابلة ، ويكون ( قبل ) ظرفا أيضا . الزخرف : الزينة ، قاله . وقال الزجاج أبو عبيدة : كل ما حسنته وزينته وهو باطل فهو زخرف . انتهى . والزخرف : الذهب . صغوت وصغيت وصغيت بكسر الغين ، فمصدر الأول صغوا ، والثاني صغا ، والثالث صغا ، ومضارعها يصغى بفتح الغين ، وهي لازمة ، وأصغى مثلها لازم ، ويأتي متعديا بكون الهمزة فيه للنقل ، قال الشاعر في اللازم :
ترى السفيه به عن كل محكمة زيغ وفيه إلى التشبيه إصغاء
وقال في المتعدي :
أصاخ من نبأة أصغى لها أذنا صماخها بدسيس الذوق مستور
وأصله الميل ، يقال : صغت النجوم : مالت للغروب . وفي الحديث : . قال " فأصغى لها الإناء " أبو زيد : ويقال : صغوه معك وصغوه وصغاه . ويقال : أكرموا فلانا في صاغيته ، أي : في قرابته الذين يميلون إليه ويطلبون ما عنده . اقترف : اكتسب ، وأكثر ما يكون في الشر والذنوب . ويقال : خرج يقترف لأهله ، أي : يكتسب لهم ، وقارف فلان الأمر أي : واقعه ، وقرفه بكذا : رماه بريبة ، واقترف كذبا ، وأصله اقتطاع قطعة من الشيء . خرص : حزر وقال بغير تيقن ولا علم ، ومنه خرص بمعنى كذب ، وافترى خرصا وخروصا . وقال الأزهري : وأصله التظني فيما لا يستيقن . الشرح : البسط والتوسعة . قال الليث : يقال : شرح الله صدره فانشرح . وقال : الشرح : الفتح . وقال ابن الأعرابي ابن قتيبة : ومنه شرحت لك الأمر وشرحت اللحم : فتحته . الضيق فيعل من ضاق الشيء : انضمت أجزاؤه إذا كان مجوفا . الحرج اسم فاعل من حرج : إذا اشتد ضيقه ، وبالفتح المصدر ، قاله الزجاج وأبو علي . وقال الفراء : هما بمنزلة الوحد والوحد ، والفرد والفرد ، والدنف والدنف يعني أنهما وصفان . انتهى . وأصله من الحرجة وهي شجرة تحف بها الأشجار حتى تمنع الداعي أن يصل إليها . وقال أبو الهيثم : الحراج غياض من شجر السلم ملتفة ، واحدها حرجة ، لا يقدر أحد أن يدخل فيها أو ينفذ .
( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ) أي : لو أتيناهم بالآيات التي اقترحوها من إنزال الملائكة في قولهم ( لولا أنزل عليه ملك ) ، وتكليم الموتى إياه في قولهم ( فأتوا بآبائنا ) ، وفي قولهم أحي قصي بن كلاب وجدعان بن عمرو ، وهما أمينا العرب والوسطان فيهم ، وحشر كل شيء عليهم من السباع والدواب والطيور ، وشهادتهم بصدق الرسول . وقال : ( الزمخشري وحشرنا عليهم كل شيء ) قالوا : ( أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ) . وقرأ نافع وابن عامر : قبلا بكسر القاف وفتح الباء ، ومعناه مقابلة أي عيانا ومشاهدة ، قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد ، ونصبه على الحال . وقال : معناه ناحية ، كما تقول : زيد قبلك ، ولي قبل فلان دين ، فانتصابه على الظرف ، وفيه بعد . المبرد
وقرأ باقي السبعة : ( قبلا ) بضم القاف والباء . فقال مجاهد وابن زيد وعبد الله بن يزيد : جمع قبيل وهو النوع ، أي نوعا نوعا وصنفا [ ص: 206 ] صنفا . وقال الفراء : جمع قبيل بمعنى كفيل ، أي : كفلا بصدق والزجاج محمد . يقال : قبلت الرجل أقبله قبالة ، أي كفلت به ، والقبيل والكفيل والزعيم والأدين والحميل والضمين بمعنى واحد . وقيل : قبلا بمعنى قبلا أي مقابلة ومواجهة . ومنه أتيتك قبلا لا دبرا ، أي من قبل وجهك ، وقال تعالى : ( إن كان قميصه قد من قبل ) ، وقرئ : ( لقبل عدتهن ) أي لاستقبالها ومواجهتها . وهذا القول عندي أحسن لاتفاق القراءتين . وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو حيوة : ( قبلا ) بضم القاف وسكون الباء على جهة التخفيف من الضم . وقرأ أبي : ( قبيلا ) بفتح القاف وكسر الباء وياء بعدها ، وانتصابه في هذه القراءة على الحال . وقرأ والأعمش ابن مصرف بفتح القاف وسكون الباء ، وجواب ( لو ) ( ما كانوا ليؤمنوا ) ، وقدره الحوفي : لما كانوا ، قال : وحذفت اللام وهي مراده ، وليس قوله بجيد ; لأن المنفي بـ ( ما ) إذا وقع جوابا لـ ( لو ) فالأكثر في لسان العرب أن لا تدخل اللام على ما ، وقل دخولها على ما ، فلا نقول إن اللام حذفت منه بل إنما أدخلوها على ( ما ) تشبيها للمنفي بما بالموجب ، ألا ترى أنه إذا كان النفي بـ ( لم ) لم تدخل اللام على لم ، فدل على أن أصل المنفي أن لا تدخل عليه اللام ، و ( ما كانوا ليؤمنوا ) أبلغ في النفي من : لم يؤمنوا ؛ لأن فيه نفي التأهل والصلاحية للإيمان ; ولذلك جاءت لام الجحود في الخبر ، و ( إلا أن يشاء الله ) استثناء متصل من محذوف هو علة وسبب ، التقدير : ( ما كانوا ليؤمنوا ) لشيء من الأشياء إلا لمشيئة الله . وقدره بعضهم في كل حال إلا في حال مشيئة الله ، ومن ذهب إلى أنه استثناء منقطع كالكرماني وأبي البقاء والحوفي فقوله فيه بعد ، إذ هو ظاهر الاتصال ، أو علق إيمانهم بمشيئة الله دليل على ما يذهب إليه أهل السنة من أن إيمان العبد واقع بمشيئة الله ، وحمل ذلك المعتزلة على مشيئة الإلجاء والقهر . ولذلك قال : مشيئة إكراه واضطرار ، والظاهر أن الضمير في ( أكثرهم ) عائد على ما عادت عليه الضمائر ، قيل : من الكفار ، أي : يجهلون الحق ، أو يجهلون أنه لا يجوز اقتراح الآيات بعد أن رأوا آية واحدة ، أو يجهلون أن كلا من الإيمان والكفر هو بمشيئة الله وقدره . وقال الزمخشري : يجهلون فيقسمون بالله جهد أيمانهم على ما لا يشعرون من حال قلوبهم عند نزول الآيات ، قال : أو لكن أكثر المسلمين يجهلون أن هؤلاء لا يؤمنون إلا أن يضطرهم فيطمعون في إيمانهم إذا جاءت الآية المقترحة . وقال غيره من المعتزلة : يجهلون أنهم يبقون كفارا عند ظهور الآيات التي اقترحوها . وقال الزمخشري الجبائي : ( إلا أن يشاء الله ) يدل على حدوث مشيئة الله ، إذ لو كانت قديمة لم يجز أن يعلق عليها الحادث لأنها شرط ، ويلزم من حصول المشروط حصول الشرط ، والحس دل على حدوث الإيمان فوجب كون الشرط حادثا وهو المشيئة . وأجاب أبو عبد الله الرازي بأن المشيئة - وإن كانت قديمة - تعلقها بإحداث ذلك المحدث في الحالة إضافة حادثة . انتهى . وهذه الآية مؤيسة من إيمان هؤلاء الذين اقترحوا الآيات إلا من شاء الله منهم . ولذلك جاء قوله : ( إلا أن يشاء الله ) وهم من ختم له بالسعادة فآمن منهم .