( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به ) لما ذكر أولا تهديدهم بإتيان العذاب أو الساعة كان ذلك أعظم من هذا التهديد ، فأكد خطاب الضمير بحرف الخطاب فقيل ( أرأيتكم ) ولما كان هذا التهديد أخف من ذلك لم يؤكد به ، بل اكتفي بخطاب الضمير فقيل أرأيتم ، وفي تلك وهذه الاستدلال على توحيد الله - تعالى - وأنه المتصرف في العالم الكاشف للعذاب والراد لما شاء بعد الذهاب ، وأن آلهتهم لا تغني عنهم شيئا ، والظاهر من قوله ( أخذ الله سمعكم وأبصاركم ) أنه ذهاب الحاسة [ ص: 132 ] السمعية والبصرية فيكون أخذا حقيقيا . وقيل : هو أخذ معنوي والمراد إذهاب نور البصر بحيث يحصل العمى ، وإذهاب سمع الأذن بحيث يحصل الصمم ، وتقدم الكلام على إفراد السمع وجمع الأبصار وعلى الختم على القلوب في أول البقرة فأغنى عن إعادته . ومفعول ( أرأيتم ) الأول محذوف ، والتقدير : قل أرأيتم سمعكم وأبصاركم إن أخذها الله ، والمفعول الثاني هو الجملة الاستفهامية كما تقول : أرأيتك زيدا ما يصنع ، وقد قررنا أن ذلك من باب الإعمال ، أعمل الثاني وحذف من الأول ، وأوضحنا كيفية ذلك في الآية قبل هذه ، والضمير في ( به ) أفرده إجراء له مجرى اسم الإشارة كأنه قيل : تأتيكم بذلك ، أو يكون التقدير : بما أخذ وختم عليه . وقيل : يعود على السمع بالتصريح وتدخل فيه القلوب والأبصار . وقيل : هو عائد على الهدى الذي يدل عليه المعنى لأن أخذ السمع والبصر والختم على القلوب سبب الضلال وسد لطرق الهداية ، و ( من إله ) استفهام معناه توقيفهم على أنه ليس ثم سواه ، فالتعلق بغيره لا ينفع . قال الحوفي : وحرف الشرط وما اتصل به في موضع نصب على الحال ، والعامل في الحال أرأيتم كقوله : اضربه إن خرج ، أي خارجا ، وجواب الشرط ما تقدم مما دخلت عليه همزة الاستفهام . انتهى . وهذا الإعراب تخليط .
( انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون ) روى أبو قرة المسيبي عن نافع : به انظر ، بضم الهاء ، وهي قراءة . وانظر خطاب للسامع ، وتصريف الآيات ، قال الأعرج مقاتل : نخوفهم بأخذ الأسماع والأبصار والقلوب وبما صنع بالأمم السالفة . وقال : تصريفها : مرة تأتي بالنقمة ومرة تأتي بالنعمة ومرة بالترغيب ومرة بالترهيب . وقيل : نتابع لهم الحجج ونضرب لهم الأمثال . وقيل : نوجهها إلى الإنشاء والإفناء والإهلاك . وقيل : الآيات على صحة توحيده وصدق نبيه ، والصدف والصدوف الإعراض والنفور . قال ابن فورك ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد والسدي : يصدفون : يعرضون ولا يعتبرون . وقرأ بعض القراء : كيف نصرف ، من صرف ثلاثيا .