ثم موسى عليه السلام السامري بما أراد أن يفعل بالعجل الذي اتخذه إلها من الاستطالة عليه بتغيير هيئته ، فواجهه بقوله ( وبخ وانظر إلى إلهك ) وخاطبه وحده إذ كان هو رأس الضلال وهو ينظر لقولهم ( لن نبرح عليه عاكفين ) وأقسم ( لنحرقنه ) وهو أعظم فساد الصورة ( ثم لننسفنه في اليم ) حتى تتفرق أجزاؤه فلا يجتمع ، ويظهر أنه لما كان قد أخذ السامري القبضة من أثر فرس جبريل وهو داخل البحر حالة تقدم فرعون وتبعه فرعون في الدخول ناسب أن ينسف ذلك العجل الذي صاغه السامري من الحلي الذي كان أصله للقبط . وألقى فيه القبضة في البحر ليكون ذلك تنبيها على أن ما كان به قيام الحياة آل إلى العدم . وألقي في محل ما قامت به الحياة وإن أموال القبط قذفها الله في البحر بحيث لا ينتفع بها كما قذف الله أشخاص مالكيها في البحر وغرقهم فيه .
وقرأ الجمهور ونصر بن عاصم لابن يعمر ( ظلت ) بظاء مفتوحة ولام ساكنة . وقرأ ابن مسعود وقتادة بخلاف عنه والأعمش وأبو حيوة وابن أبي عبلة وابن يعمر بخلاف عنه كذلك إلا أنهم كسروا الظاء ، وعن ابن يعمر ضمها وعن أبي ظللت بلامين على الأصل ، فأما حذف اللام فقد ذكره والأعمش في الشذوذ يعني شذوذ القياس لا شذوذ الاستعمال مع مست وأصله مسست وأحست أصله أحسست ، وذكر سيبويه همت وأصله هممت ولا يكون ذلك إلا إذا سكن آخر الفعل نحو ظلت إذ أصله ظللت . وذكر بعض من عاصرناه أن ذلك منقاس في كل مضاعف العين واللام في لغة ابن الأنباري بني سليم حيث يسكن آخر الفعل .
وقد أمعنا الكلام على هذه المسألة في شرح التسهيل من تأليفنا ، فأما من كسر الظاء فلأنه نقل حركة اللام إلى الظاء بعد نزع حركتها تقديرا ثم حذف اللام ، وأما من ضمها فيكون على أنه جاء في بعض اللغات على فعل بضم العين فيهما ، ونقلت ضمة اللام إلى الظاء كما نقلت في حالة الكسر على ما تقرر .