[ ص: 233 ] بل الذين كفروا يكذبون
يجوز أنه إضراب انتقالي من التعجيب من عدم إيمانهم ، وإنكاره عليهم إلى الإخبار عنهم بأنهم مستمرون على الكفر فالكلام ارتقاء في التعجيب والإنكار . والطعن في القرآن ،
فالإخبار عنهم بأنهم يكذبون مستعمل في التعجيب والإنكار ، فلذلك عبر عنه بالفعل المضارع الذي يستروح منه استحضار الحالة مثل قوله : يجادلنا في قوم لوط .
ويجوز أن يكون بل إضرابا إبطاليا ، أي : لا يوجد ما لأجله لا يؤمنون ولا يصدقون بالقرآن ، بل الواقع بضد ذلك فإن بواعث الإيمان من الدلائل متوفرة ودواعي متظاهرة ولكنهم يكذبون ، أي : يستمرون على التكذيب عنادا وكبرياء ويومئ إلى ذلك قوله : الاعتراف بصدق القرآن والخضوع لدعوته والله أعلم بما يوعون .
وهذان المعنيان نظير الوجهين في قوله تعالى في سورة الانفطار بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين .
وفي اجتلاب الفعل المضارع دلالة على حدوث التكذيب منهم وتجدده ، أي : بل هم مستمرون على التكذيب عنادا وليس ذلك اعتقادا ، فكما نفي عنهم تجدد الإيمان وتجدد الخضوع عند قراءة القرآن أثبت لهم تجدد التكذيب .
وقوله : الذين كفروا إظهار في مقام الإضمار ; لأن مقتضى الظاهر أن يقال : بل هم يكذبون ، فعدل إلى الموصول والصلة لما تؤذن بها الصلة من ذمهم بالكفر للإيماء إلى علة الخبر ، أي أنهم استمروا على التكذيب لتأصل الكفر فيهم وكونهم ينعتون به .