ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين
لما أبلغت أسماعهم أفانين المواعظ والأوامر والنواهي ، وجرى في خلال ذلك تحذيرهم من الإصرار على الإعراض عن القرآن ، وإعلامهم بأن ذلك يفضي بهم إلى مقارنة الشيطان ، وأخذ ذلك حظه من البيان ، انتقل الكلام إلى نهيهم عن أن يحصل صد الشيطان إياهم عن هذا الدين والقرآن الذي دعوا إلى اتباعه بقوله واتبعون هذا صراط مستقيم تنبيها على أن الصدود عن هذا الدين من وسوسة [ ص: 245 ] الشيطان ، وتذكيرا بعداوة الشيطان للإنسان عداوة قوية لا يفارقها الدفع بالناس إلى مساوي الأعمال ليوقعهم في العذاب تشفيا لعداوته .
وقد صيغ النهي عن اتباع الشيطان في صده إياهم بصيغة نهي الشيطان عن أن يصدهم ، للإشارة إلى أن في مكنتهم الاحتفاظ من الارتباق في شباك الشيطان ، فكني بنهي الشيطان عن صدهم عن نهيهم عن الطاعة له بأبلغ من توجيه النبيء - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، على طريقة قول العرب : لا أعرفنك تفعل كذا ، ولا ألفينك في موضع كذا .
وجملة إنه لكم عدو مبين تعليل للنهي عن أن يصدهم الشيطان فإن شأن العاقل أن يحذر من مكائد عدوه .
ناشئة من خبث كينونته مع ما انضم إلى ذلك الخبث من تنافي العنصرين فإذا التقى التنافي مع خبث الطبع نشأ من مجموعهما القصد بالأذى ، وقد أذكى تلك العداوة حدث قارن نشأة نوع الإنسان عند تكوينه ، في قصته مع آدم كما قصه القرآن غير مرة . وعداوة الشيطان للبشر
وحرف ( إن ) هنا موقعه موقع فاء التسبب في إفادة التعليل .