[ ص: 208 ] واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى .
هذه معجزة أخرى علمه الله إياها حتى إذا تحدى فرعون وقومه عمل مثل ذلك أمام السحرة . فهذا تمرين على معجزة ثانية متحد الغرض مع إلقاء العصا .
والجناح : العضد وما تحته إلى الإبط ، أطلق عليه ذلك تشبيها بجناح الطائر .
والضم : الإلصاق ، أي ألصق يدك اليمنى التي كنت ممسكا بها العصا . وكيفية إلصاقها بجناحه أن تباشر جلد جناحه بأن يدخلها في جيب قميصه حتى تماس بشرة جنبه ، كما في آية سورة سليمان ( وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ) .
جعل الله تغير لون جلد يده عند مماستها جناحه تشريفا لأكثر ما يناسب من أجزاء جسمه بالفعل والانفعال .
وبيضاء حال من ضمير ( تخرج ) ، ومن غير سوء حال من ضمير بيضاء .
ومعنى ( من غير سوء ) من غير مرض مثل البرص والبهق بأن تصير بيضاء ثم تعود إلى لونها المماثل لون بقية بشرته . وانتصب ( آية ) على الحال من ضمير ( تخرج ) .
والتعليل في قوله ( لنريك من آياتنا الكبرى ) راجع إلى قوله ( تخرج بيضاء ) ، فاللام متعلقة ب ( تخرج ) لأنه في معنى نجعلها ( بيضاء ) فتخرج بيضاء أو نخرجها لك بيضاء . وهذا التعليل راجع إلى تكرير [ ص: 209 ] الآية ، أي كررنا الآيات لنريك بعض آياتنا فتعلم قدرتنا على غيرها ، ويجوز أن يتعلق لنريك بمحذوف دل عليه قوله ألقها وما تفرع عليه . وقوله ( واضمم يدك إلى جناحك ) وما بعده ، وتقدير المحذوف : فعلنا ذلك لنريك من آياتنا .
ومن آياتنا في موضع المفعول الثاني ل ( نريك ) ، فتكون من فيها اسما بمعنى بعض على رأي التفتازاني . وتقدم عند قوله تعالى ( ومن الناس من يقول آمنا بالله ) في سورة البقرة ، ويسير إليه كلام الكشاف هنا .
والكبرى صفة ل ( آياتنا ) . والكبر : مستعار لقوة الماهية . أي آياتنا القوية الدلالة على قدرتنا أو على أنا أرسلناك .