[ ص: 179 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة طه
سميت سورة ( طاها ) باسم الحرفين المنطوق بهما في أولها .
ورسم الحرفان بصورتهما لا بما ينطق به الناطق من اسميهما تبعا لرسم المصحف كما تقدم في سورة الأعراف . وكذلك وردت تسميتها في كتب السنة في حديث إسلام كما سيأتي قريبا . عمر بن الخطاب
وفي تفسير القرطبي عن مسند الدرامي عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة الحديث . إن الله تبارك وتعالى قرأ ( طاها ) " ( باسمين ) " قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا : طوبى لأمة ينزل هذا عليها
قال : معناه أن الله أظهر كلامه وأسمعه من أراد أن يسمعه من الملائكة ، فتكون هذه التسمية مروية عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - . ابن فورك
وذكر في الإتقان عن السخاوي أنها تسمى أيضا " سورة الكليم " ، وفيه عن الهذلي في كامله أنها تسمى " سورة موسى " .
[ ص: 180 ] وهي مكية كلها على قول الجمهور . واقتصر عليه ابن عطية وكثير من المفسرين .
وفي الإتقان أنه استثني منها آية ( فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) الآية .
واستظهر في الإتقان أن يستثنى منها قوله تعالى ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) الآية . لما أخرج أبو يعلى عن والبزار أبي رافع قال : اليهود أن أسلفني دقيقا إلى هلال رجب فقال : لا ، إلا برهن ، فأتيت النبيء فأخبرته فقال : أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض . فلم أخرج من عنده حتى نزلت ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) الآية اهـ . أضاف النبيء - صلى الله عليه وسلم - ضيفا فأرسلني إلى رجل من
وعندي أنه إن صح حديث أبي رافع فهو من اشتباه التلاوة بالنزول . فلعل النبيء - صلى الله عليه وسلم - قرأها متذكرا فظنها أبو رافع نازلة ساعتئذ ولم يكن سمعها قبل ، أو أطلق النزول على التلاوة . ولهذا نظائر كثيرة في المرويات في أسباب النزول كما علمته غير مرة .
وهذه السورة هي الخامسة والأربعون في ترتيب النزول نزلت بعد سورة مريم وقبل سورة الواقعة . ونزلت قبل إسلام لما روى عمر بن الخطاب عن الدارقطني أنس بن مالك ، وابن إسحاق في سيرته عنه قال : خرج عمر متقلدا بسيف . فقيل له : أن ختنك وأختك قد صبوا ، فأتاهما عمر وعندهما يقرئهما سورة " طاها " ، فقال : أعطوني الكتاب الذي عندكم فأقرأه ، فقالت له أخته : إنك رجس ، ولا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ . فقام خباب بن الأرت عمر وتوضأ وأخذ الكتاب فقرأ طه . فلما قرأ صدرا منها قال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه إلى آخر القصة .
وذكر الفخر عن بعض المفسرين أن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة .
[ ص: 181 ] وكان عمر في سنة خمس من البعثة قبيل الهجرة الأولى إلى إسلام الحبشة فتكون هذه السورة قد نزلت في سنة خمس أو أواخر سنة أربع من البعثة .
وعدت آيها في عدد أهل المدينة ومكة مائة وأربعا وثلاثين وفي عدد أهل الشام مائة وأربعين ، وفي عدد أهل البصرة مائة واثنتين وثلاثين . وفي عدد أهل الكوفة مائة وخمسا وثلاثين .