[ ص: 86 ] إنه كان بعباده خبيرا بصيرا إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر موقع هذه الجملة موقع اعتراض بالتعليل لما تقدم من الأمر بإيتاء ذي القربى والمساكين ، والنهي عن التبذير ، وعن الإمساك المفيد الأمر بالقصد ، بأن هذا واجب الناس في أموالهم ، وواجبهم نحو قرابتهم ، وضعفاء عشائرهم ، فعليهم أن يمتثلوا ما أمرهم الله من ذلك ، وليس الشح بمبق مال الشحيح لنفسه ، ولا التبذير بمغن من يبذر فيهم المال فإن الله قدر لكل نفس رزقها .
فيجوز أن يكون الكلام جاريا على سنن الخطاب السابق لغير معين ، ويجوز أن يكون قد حول الكلام إلى خطاب النبيء صلى الله عليه وسلم ، فوجه بالخطاب إلى النبيء ; لأنه الأولى بعلم هذه الحقائق العالية ، وإن كانت أمته مقصودة بالخطاب تبعا له ، فتكون هذه الوصايا مخللة بالإقبال على خطاب النبيء صلى الله عليه وسلم .
ويقدر ضد يبسط ، وقد تقدم عند قوله تعالى الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر في سورة الرعد .
وجملة إنه كان بعباده خبيرا بصيرا تعليل لجملة إن ربك يبسط الرزق إلى آخرها ، أي هو يفعل ذلك ; لأنه عليم بأحوال عباده ، وما يليق بكل منهم بحسب ما جبلت عليه نفوسهم ، وما يحف بهم من أحوال النظم العالمية التي اقتضتها الحكمة الإلهية المودعة في هذا العالم .
والخبير : العالم بالأخبار ، والبصير : العالم بالمبصرات ، وهذان الاسمان الجليلان يرجعان إلى معنى بعض تعلق العلم الإلهي .