يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين
الظاهر أن هذه الآية خاتمة للآي السابقة وليست فاتحة غرض جديد . ففي صحيح من البخاري حين تخلف عن غزوة كعب بن مالك تبوك أنه قال " فوالله ما أعلم أحدا . . أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا كذبا وأنزل الله على رسوله لقد تاب الله على النبيء والمهاجرين والأنصار إلى قوله وكونوا مع الصادقين اهـ . فهذه الآية بمنزلة التذييل للقصة فإن القصة مشتملة على ذكر قوم اتقوا الله فصدقوا في إيمانهم وجهادهم فرضي الله عنهم ، وذكر قوم كذبوا في ذلك واختلقوا المعاذير وحلفوا كذبا فغضب الله عليهم ، وقوم تخلفوا عن الجهاد وصدقوا في الاعتراف بعدم العذر فتاب الله عليهم ، فلما كان سبب فوز الفائزين في هذه الأحوال كلها هو الصدق لا جرم أمر الله المؤمنين بتقواه وبأن يكونوا في زمرة الصادقين ، مثل أولئك الصادقين الذين تضمنتهم القصة . حديث
والأمر بـ كونوا مع الصادقين أبلغ في التخلق بالصدق من نحو : اصدقوا . ونظيره واركعوا مع الراكعين . وكذلك جعله بعد ( من ) التبعيضية وقد تقدم ذلك في قوله - تعالى : أبى واستكبر وكان من الكافرين ومنه قوله : قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين