( بل الإنسان على نفسه بصيرة ( 14 ) ولو ألقى معاذيره ( 15 ) لا تحرك به لسانك لتعجل به ( 16 ) )
( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) قال عكرمة ، ومقاتل ، والكلبي : معناه بل الإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه ويشهدون عليه بعمله ، وهي سمعه وبصره وجوارحه ودخل الهاء في البصيرة لأن المراد بالإنسان هاهنا جوارحه ، ويحتمل أن يكون معناه " بل الإنسان على نفسه بصيرة " يعني : لجوارحه ، فحذف حرف الجر كقوله : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " ( البقرة - 233 ) أي لأولادكم . ويجوز أن يكون نعتا لاسم مؤنث أي بل الإنسان على نفسه عين بصيرة .
وقال أبو العالية ، : بل الإنسان على نفسه شاهد ، وهي رواية وعطاء العوفي عن ابن عباس ، والهاء في " بصيرة " للمبالغة ، دليل هذا التأويل . قوله - عز وجل - : " كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " ( الإسراء - 14 ) . ( ولو ألقى معاذيره ) يعني يشهد عليه الشاهد ولو اعتذر وجادل عن نفسه لم ينفعه ، كما قال تعالى : " يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم " ( غافر - 52 ) وهذا قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وابن زيد : قال وعطاء الفراء : ولو اعتذر فعليه من نفسه من يكذب عذره ومعنى الإلقاء : القول ، كما قال : فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون ( النحل - 86 ) . وقال الضحاك : " والسدي ولو ألقى معاذيره " يعني : ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب . وأهل اليمن يسمون الستر : معذارا ، وجمعه : معاذير ، ومعناه على هذا القول : وإن أسبل الستر ليخفي ما يعمل ، فإن نفسه شاهدة عليه . قوله - عز وجل - ( لا تحرك به لسانك لتعجل به )
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا حدثنا محمد بن إسماعيل ، قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله - عز وجل - : " لا تحرك به لسانك لتعجل به " قال : جبريل بالوحي كان ربما يحرك لسانه وشفتيه فيشتد عليه ، وكان يعرف منه ، فأنزل الله - عز وجل - الآية التي في لا أقسم بيوم القيامة : " لا تحرك به لسانك لتعجل به "
كان رسول الله [ ص: 284 ] - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل [ عليه ]