فصل . ( مراتب إنكار المنكر )
وهو فرض كفاية على من لم يعين عليه وسواء في ذلك الإمام والحاكم والعالم والجاهل والعدل والفاسق وقال قوم لا يجوز لفاسق الإنكار وقال آخرون لا يجوز الإنكار إلا لمن أذن له ولي الأمر وللمميز الإنكار ويثاب عليه لكن لا يجب .
وقال ابن الجوزي الكافر ممنوع من إنكار المنكر لما فيه من السلطة والعز وأعلاه باليد ثم باللسان ، ثم بالقلب .
وفي الحديث الصحيح { } قال الشيخ ليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة خردل تقي الدين رحمه الله : مراده أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان ، ليس مراده أن من لم ينكر لم يكن معه من الإيمان حبة خردل ولهذا قال : " ليس وراء ذلك " فجعل المؤمنين ثلاث طبقات فكل منهم فعل الإيمان الذي يجب عليه قال وعلم بذلك أن الناس يتفاضلون في الإيمان الواجب عليهم بحسب استطاعتهم مع بلوغ الخطاب إليهم كلهم . انتهى كلامه .
وكذا قال في الغنية بعد الخبر المذكور ويعني أضعف فعل أهل الإيمان قال المروذي قلت كيف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ ص: 162 ] قال : باليد وباللسان وبالقلب هو أضعف قلت : كيف باليد ؟ قال : يفرق بينهم . ورأيت لأبي عبد الله مر على صبيان الكتاب يقتتلون ففرق بينهم وقال في رواية صالح التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح . أبا عبد الله
قال : وظاهر هذا يقتضي جواز الإنكار باليد إذا لم يفض إلى القتل والقتال قال القاضي : ويجب فعل الكراهة للمنكر كما يجب إنكاره . وعند القاضي المعتزلة إنما يجب أن لا يفعل الإرادة لأنه قد يخلو المكلف من فعل الإرادة له والكراهة ، وهذا غلط لأنه لا يصح أن يخلو من فعل الضدين ، ولأن الشارع أوجب عليه فعل الكراهة بقلبه .
وعلى الناس إعانة المنكر ونصره على الإنكار وما اختص علمه بالعلماء اختص إنكاره بهم أو بمن يأمرونه به من الولاة والعوام ومن ولاه السلطان الحسبة تعين عليه فعل ذلك وله في ذلك ما ليس لغيره كسماع البينة . وذكر في الأحكام السلطانية أنه ليس له سماع البينة . القاضي
وإن دعا الإمام العامة إلى شيء وأشكل عليهم لزمهم سؤال العلماء فإن أفتوا بوجوبه قاموا به ، وإن أخبروا بتحريمه امتنعوا منه ، وإن قالوا هو مختلف فيه .
وقال الإمام : يجب ، لزمهم طاعته كما تجب طاعته في الحكم ، ذكره . وهل يسقط الإثم عمن لم يرض بالمنكر وسخط الإنكار ذكر القاضي أنه رأي لبعض الفقهاء أنه لا يسقط ، ثم ذكر احتمالا أنه يسقط أنه ظاهر قول أصحابنا رحمهم الله . ابن عقيل