ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2619 - الحسن بن محمد بن هارون ، أبو محمد المهلبي .
من ولد استوزره المهلب بن أبي صفرة ، معز الدولة أبو الحسين [أحمد] بن بويه ، فبقي في وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر ، وكان يقول الشعر الحسن ، وفيه الأدب [الوافر] وكان يطرب على اصطناع الرجل ويهاج لذلك ، وكان له الحلم والأناة .
روى أبو إسحاق الصاغاني ، قال: صاغ الوزير أبو محمد المهلبي دواة ومرفعا وحلاهما حلية ثقيلة ، وكانت طول ذراع وكسر في عرض شبر ، فقدمت بين يديه ، وأبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي جالس عن يمينه وأبو أحمد جالس إلى جنبه ، فتذاكرنا سرا حسن الدواة ، فقال أبو أحمد: ما كان أحوجني إليها لأبيعها فأنتفع بثمنها ، فقلت: فأي شيء يعمل الوزير؟ قال: يدخل في خزانته وسمع الوزير ما جرى بيننا بإصغائه إلينا ، ثم اجتمعت بأبي أحمد من الغد ، فقال لي: عرفت خبر الدواة؟
قلت: لا قال: فإنه جاءني البارحة رسوله ومعه الدواة ، ومرفعها ومنديل ، وعشر قطع وخمسة آلاف درهم وقال: الوزير يقول لك أنا عارف بقصور المواد عنك ، وتضاعف المؤن عليك ، وقد آثرتك بهذه الدواة لما ظننت من استحسانك لها ، وجعلت معها ما تكتسي به وتصرفه في بعض نفقتك . فبقيت متعجبا من اتفاق ما تجارينا فيه وحدث هذا على أثره .
وتقدم الوزير بصناعة دواة أخرى فصنعت ، ودخلنا إلى مجلسه وقد [ ص: 143 ] تركت بين يديه وهو يوقع منها ، فنظر إلي وإلى أبي أحمد ونحن نلحظها فقال: هيه ، من منكما يريدها على الإعفاء من الدخول؟ فاستحيينا ، وعلمنا أنه كان قد سمع قولنا ، وقلنا: بل يمتع الله الوزير [منها] ويبقيه ليهب ألفا منها .
توفي أبو محمد المهلبي في هذه السنة عن أربع وستين سنة ، ودفن في مقابر قريش .
2620 - دعلج بن أحمد بن دعلج بن عبد الرحمن ، أبو محمد السجستاني المعدل .
سمع الحديث ببلاد خراسان ، والري ، وحلوان ، وبغداد ، [والبصرة] ومكة وكان من ذوي اليسار والمشهورين بالبر والإفضال ، وله صدقات جارية ووقوف على أهل الحديث ببغداد ومكة وسجستان ، وكان قد جاور بمكة زمانا ، فجاء قوم من العرب ، فقالوا: إن أخا لك من أهل خراسان قتل أخا لنا فنحن نقتلك به . فقال: اتقوا الله ، فإن خراسان ليست بمدينة واحدة فاجتمع الناس فخلوا سبيله فانتقل إلى بغداد فاستوطنها ، وكان يقول: ليس في الدنيا مثل داري وذلك أنه ليس في الدنيا مثل بغداد ، ولا ببغداد مثل القطيعة ، ولا في القطيعة مثل درب أبي خلف ، وليس في الدرب مثل داري .
وحدث ببغداد عن عثمان بن سعيد الدارمي ، والحسن بن سفيان النسوي ، وابن البراء ، والباغندي ، وخلق كثير . روى عنه وعبد الله بن أحمد ، ابن حيويه ، والدارقطني ، وابن رزقويه ، وعلي ، وعبد الملك ابنا بشران وغيرهم ، وكان ثقة ثبتا مأمونا ، قبل [ ص: 144 ] الحكام شهادته ، وصنف له كتبا منها: "المسند الكبير" فكان إذا شك في حديث ضرب عليه ، قال الدارقطني لم أر في مشايخنا أثبت منه . الدارقطني:
أخبرنا أخبرنا أبو منصور القزاز ، ، قال: حدثني أبو بكر [أحمد بن علي] محمد بن علي بن عبد الله الحداد ، عن شيخ سماه ، قال: حضرت يوم الجمعة الجامع بمدينة المنصور . قال: وحدثني عن أبو القاسم الأزهري ، أبي عمر ابن حيويه قال:
أدخلني إلى داره وأراني بدرا من المال معبأة في منزله ، وقال: يا دعلج أبا عمر ، خذ من هذا ما شئت ، فشكرت له ، وقلت له: أنا في كفاية عنها ، ولا حاجة لي فيها .
أخبرنا أبو منصور ، أخبرنا أبو بكر بن ثابت ، قال: حدثني محمد بن علي بن عبد الله الحداد ، عن شيخ سماه ، قال: حضرت يوم الجمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور ، فرأيت رجلا بين يدي في الصف حسن الوقار ، ظاهر الخشوع ، دائم الصلاة ، لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد إلى قرب قيام الصلاة ، ثم جلس فغلبتني هيبته ، ودخلت قلبي محبته ، ثم أقيمت الصلاة فلم يصل مع الناس فكبر علي ذلك وتعجبت من حاله ، وغاظني فعله ، فلما قضيت تقدمت إليه وقلت له: أيها الرجل ، ما رأيت أعجب من أمرك ، أطلت النافلة وأحسنتها ، وضيعت الفريضة وتركتها . فقال لي: يا هذا ، إن لي عدوا وبي علة منعتني من الصلاة ، قلت: وما هي؟ قال: أنا رجل علي دين ، اختفيت في منزلي مدة بسببه ، ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة ، فقبل أن تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له الدين [علي] ورآني ، فمن خوفه أحدثت في ثيابي [وهذا عذري] فأسألك بالله إلا سترت علي وكتمت أمري ، فقلت له: ومن الذي له [ ص: 145 ] عليك الدين؟ فقال: دعلج بن أحمد ، وكان إلى جانبه صاحب لدعلج قد صلى وهو لا يعرفه ، فسمع هذا القول ومضى في الوقت إلى ، فذكر له القصة ، فقال له دعلج امض إلى الرجل واحمله إلى الحمام ، واطرح عليه خلعة من ثيابي ، وأجلسه في منزلي حتى أنصرف من الجامع . ففعل الرجل ذلك ، فلما انصرف دعلج: إلى منزله أمر بالطعام ، فأحضر ، وأكل هو والرجل ، ثم أخرج حسابه فنظر فيه ، فإذا عليه خمسة آلاف درهم ، فقال [له] . انظر لا يكون عليك في الحساب غلط أو نسي لك نقده . فقال [له الرجل] : لا ، فضرب دعلج على حسابه وكتب تحته الوفاء ، ثم أحضر الميزان ووزن له خمسة آلاف درهم ، وقال له: أما الحساب الأول فقد أحللناك منه مما بيننا وبينك فيه ، وأسألك أن تقبل هذه الخمسة آلاف درهم ، وتجعلنا في حل من الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك إيانا في المسجد الجامع . دعلج
أخبرنا أخبرنا أبو منصور القزاز ، أبو بكر بن ثابت ، قال: حدثني أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري ، قال: حدثني أبو الحسين [أحمد] بن الحسين الواعظ ، قال: أودع أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم ، فضاقت يده وامتدت إليها فأنفقها ، فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال أمر السلطان بفك الحجر عنه ، وتسليم ماله إليه ، وتقدم إلى ابن أبي موسى بحمل المال ليسلم إلى الغلام ، قال ابن أبي موسى: فلما تقدم إلي بذلك ضاقت علي الأرض بما رحبت ، وتحيرت في أمري لا أعلم من أي وجه أغرم المال ، فبكرت من داري وركبت بغلتي ، وقصدت الكرخ لا أعلم أين أتوجه وانتهت بي بغلتي إلى درب السلولي ، ووقفت بي على باب مسجد دعلج بن أحمد ، فثنيت رجلي ودخلت المسجد ، وصليت صلاة الفجر خلفه ، فلما [ ص: 146 ] سلم أقبل إلي ورحب بي ، وقام وقمت معه ، ودخل إلى داره ، فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها هريسة ، فقال: يأكل الشريف ، فأكلت وأنا لا أحصل أمري ، فلما رأى تقصيري قال: أراك منقبضا فما الخبر؟ فقصصت عليه قصتي ، وأني أنفقت المال ، فقال: كل ، فإن حاجتك تقضى ، ثم أحضر حلوى فأكلنا ، فلما رفع الطعام وغسلنا أيدينا قال: يا جارية افتحي ذلك الباب . فإذا خزانة مملوءة زبلا مجلدة فأخرج إلي بعضها وفتحها إلى أن أخرج النقد الذي كانت الدنانير منه ، واستدعى الغلام والتخت والطيار ، فوزن عشرة آلاف دينار وبدرها ، وقال: يأخذ الشريف هذه ، فقلت:
يثبتها الشيخ علي فقال: أفعل ، وقد كاد عقلي يطير فرحا ، فركبت بغلتي وتركت الكيس على القربوس ، وغطيته بطيلساني وعدت إلى داري ، وانحدرت إلى السلطان بقلب قوي ، وجنان ثابت ، فقلت: ما أظن إلا أنه قد استشعر في أني قد أكلت مال اليتيم ، واستبددت به ، والمال فقد أخرجته ، فأحضر قاضي القضاة والشهود ، والنقباء ، وولاة العهود ، وأحضر الغلام وفك حجره ، وسلم المال إليه ، وعظم الشكر لي ، والثناء علي ، فلما عدت إلى منزلي استدعاني أحد الأمراء من أولاد الخلافة ، وكان عظيم الحال ، فقال: قد رغبت في معاملتك [وتضمينك أملاكي] ببادية يا ونهر الملك ، فضمنت ذلك بما تقرر بيني وبينه من المال ، وجاءت السنة ، ووفيته وحصل في يدي من الربح ما له قدر كبير ، وكان ضماني لهذه الضياع ثلاث سنين ، فلما مضت حسبت حسابي ، وقد تحصل في يدي ثلاثون ألف دينار ، فعزلت عوض العشرة آلاف دينار التي أخذتها من وحملتها إليه ، وصليت معه الغداة ، فلما انفتلت وانفتل من صلاته رآني ، فنهض معي إلى داره ، وقدم المائدة والهريسة ، فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب ، فلما قضينا الأكل ، قال لي: خبرك وحالك ، فقلت: بفضل الله وبفضلك قد أفدت بما فعلته معي ثلاثون ألف دينار ، وهذه عشرة آلاف عوض الدنانير التي أخذتها منك ، فقال: يا سبحان [ ص: 147 ] الله ، والله ما خرجت الدنانير عن يدي ونويت أخذ عوضها حل بها الصبيات ، فقلت له: دعلج
يا شيخ أيش أصل هذا المال حتى تهب لي عشرة آلاف دينار؟ فقال: اعلم أني نشأت ، وحفظت القرآن ، وسمعت الحديث ، وكنت أتبرز ، فوافاني رجل من تجار البحر ، فقال لي: أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت: نعم فقال: قد رغبت في تسليم مالي إليك لتتجر به ، فما سهل الله من فائدة كانت بيننا ، وما كان من جائحة كانت في أصل مالي ، فسلم إلي بارنامجات بألف ألف درهم ، وقال لي: ابسط يدك ولا تعلم موضعا تنفق فيه هذا المتاع إلا حملته إليه ، ولم يزل يتردد إلي سنة بعد سنة يحمل إلي مثل هذا ، والبضاعة تنمى ، فلما كان في آخر سنة اجتمعنا ، قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر فإن قضى الله علي بما قضاه على خلقه فهذا المال لك ، على أن تتصدق منه وتبني المساجد ، وتفعل الخير ، فأنا أفعل مثل هذا ، وقد ثمر الله المال في يدي ، فأسألك أن تطوي هذا الحديث أيام حياتي .
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ، وهو ابن أربع أو خمس وتسعين سنة . دعلج
2621 - عبد الله بن جعفر بن شاذان ، أبو الحسين البزار .
من أهل الجانب الشرقي ، حدث عن الكديمي ، وإبراهيم الحربي ، روى عنه وعبد الله بن أحمد ، الدارقطني ، ، وكان ثقة . وابن رزقويه
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة .
2622 - عبد الباقي بن قانع بن مرزوق ، أبو الحسن الأموي مولاهم .
سمع الحارث بن أبي أسامة ، روى عنه وإبراهيم الحربي . الدارقطني ، ، وابن رزقويه وأبو علي بن شاذان ، وكان من أهل العلم ، والفهم ، والثقة ، غير أنه تغير في
[ ص: 148 ]
آخر عمره ، قال كان يخطئ ، ويصر على الخطإ . الدارقطني:
توفي في شوال هذه السنة .
2623 - محمد بن الحسن [بن محمد] بن زياد بن هارون بن جعفر أبو بكر المقرئ النقاش :
موصلي الأصل ، ويقال إنه مولى أبي دجانة سماك بن خرشة ، ولد في سنة ست وستين ومائتين ، وكان عالما بحروف القراءات ، حافظا للتفسير ، وله تصانيف فيهما ، سافر الكثير ، وكتب بالكوفة ، والبصرة ، ومكة ، ومصر ، والشام ، والجزيرة ، والموصل ، والجبال ، وبلاد خراسان ، وما وراء النهر .
وحدث عن إسحاق بن سفيان الختلي ، وأبي مسلم الكجي وخلق كثير ، روى عنه أبو بكر بن مجاهد ، والخلدي ، والدارقطني ، وابن شاهين ، في آخرين ، وآخر من حدث عنه وابن رزقويه أبو علي بن شاذان ، وفي حديثه مناكير بأسانيد مشهورة ، وقد كان يتوهم الشيء فيرويه ، وقد وقفه على بعض ما أخطأ فيه فرجع عن الخطإ . الدارقطني
أخبرنا أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن علي ، عبيد الله بن [أبي] الفتح ، عن طلحة بن محمد بن جعفر أنه ذكر النقاش ، فقال: كان يكذب في الحديث ، قال أحمد: وسألت فقال: كل حديثه منكر . البرقاني ،
أخبرنا القزاز ، أخبرنا ، قال: سمعت أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أبا الحسين بن الفضل القطان ، يقول: حضرت أبا بكر النقاش وهو يجود بنفسه ، فجعل [ ص: 149 ] يحرك شفتيه بشيء لا أعلم ما هو ، ثم نادى بعلو صوته: ( لمثل هذا فليعمل العاملون يرددها ثلاثا ، ثم خرجت نفسه .
توفي النقاش في يوم الثلاثاء ثاني شوال هذه السنة ، ودفن غداة الأربعاء في داره ، وكان يسكن دار القطن .
2624 - [محمد بن الحسن بن مسعود ، أبو بكر التمار .
سمع معاذ بن المثنى ، وروى عنه والكديمي . وكان ثقة . ابن رزقويه .
2625 - محمد بن الحسن بن القاسم بن إسحاق الكاتب .
حدث عن روى عنه بشر بن موسى . . ابن رزقويه]
2626 - محمد بن سعيد ، أبو بكر الحربي ، الزاهد يعرف: بابن الضرير
روى عنه وكان ثقة . ابن رزقويه ،
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرني أحمد بن سليمان بن علي المقرئ ، أخبرنا عبد الواحد بن أبي الحسن الفقيه ، قال:
سمعت أبي يقول: سمعت أبا بكر ابن الضرير الزاهد ، يقول: دافعت الشهوات حتى صارت شهوتي المدافعة فحسب توفي في ربيع الأول من هذه السنة .
2627 - محمد بن سهل بن عسكر بن عمارة ، أبو بكر البخاري :
حدث عن وغيره ، روى عنه عبد الرزاق إبراهيم الحربي ، وابن أبي الدنيا ، والبغوي ، وكان ثقة . توفي في شعبان هذه السنة . [ ص: 150 ] وابن صاعد