ثم دخلت
فمن الحوادث فيها: سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة
أنه ورد الخبر [في المحرم] بدخول الروم عين زربة في مائة وستين ألف رجل ، فطلب المسلمون الأمان فأمنهم ملك الروم ، فلما دخل البلد نادى في أول الليل بأن يخرج جميع الناس إلى المسجد الجامع ، وأن من تأخر في منزله قتل . فخرج من أمكنه الخروج ، فلما أصبح أنفذ رجاله ، فمن وجدوه في منزله قتلوه فقتلوا خلقا من الرجال والنساء والأطفال ، وأمر بقطع نخل البلد فقطع منه أربعون ألف نخلة ، ونادى فيمن حصل في الجامع أن يخرجوا حيث شاءوا وأن من أمسى فيه قتل ، فخرج الناس مبادرين وتزاحموا في الأبواب ، فمات بالضغط خلق كثير ، ومروا على وجوههم حفاة عراة لا يدرون أين يتوجهون ، فمات أكثرهم في الطرقات ، ثم أخذ الأسلحة والأمتعة ، وأمر بهدم الجامع وكسر المنبر ، وهدم سور البلد ، والمنازل ، وبقي مقيما في بلاد الإسلام واحدا وعشرين يوما ، وفتح حول حصن زربة أربعة وخمسين حصنا ، بعضها بالسيف وبعضها بالأمان ، وقتل خلقا كثيرا من المسلمين ، ثم إن سيف الدولة أعاد بناء عين زربة . [ ص: 140 ]
وفي شهر ربيع الآخر: كتب العامة على مساجد بغداد: لعن ولعن من غصب معاوية بن أبي سفيان ، فاطمة فدكا ومن أخرج العباس من الشورى ، ومن نفى أبا ذر الغفاري ، ومن منع من دفن الحسن عند جده ، ولم يمنع معز الدولة من ذلك ، وبلغه أن العامة قد محوا هذا المكتوب ، فأمر أن يكتب: لعن الله الظالمين لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأولين والآخرين ، والتصريح باسم في اللعن فكتب ذلك . معاوية
وفي شوال: ورد الخبر بأن الروم استأسروا أبا فراس بن سعيد بن حمدان من منبج وكان متقلدا لها .
وورد الخبر بأنه وقع في الجامدة في آخر يوم من تشرين الثاني برد في كل بردة رطل ونصف ورطلان .
وورد الخبر بأن الدمستق ورد إلى حلب بغتة ، ولم يعلم سيف الدولة ، فخرج إليه وحاربه فانهزم سيف الدولة ، وظفر بداره وهي خارج حلب ، فوجد فيها ثلاثمائة وتسعين بدرة دراهم ، فأخذها ووجد له ألف وأربعمائة بغل فأخذها ، وأخذ من خزائن السلاح ما لا يحصى ، وأحرق الدار وملك الربض ، فقاتله أهل حلب من وراء السور ، فقتل من الروم خلق كثير بالحجارة والمقاليع ، وسقطت ثلمة من السور على أهل حلب ، فقتلتهم فطمع الروم في تلك الثلمة فأكبوا عليها ، ودفعهم أهل البلد عنها ، فلما جن عليهم الليل اجتمع المسلمون عليها فبنوها ، وفزعوا منها ، وعلوا عليها فكبروا ، ثم إن رجالة الشرط بحلب مضوا إلى منازل الناس وخانات التجار لينهبوها ، فقيل للناس: الحقوا منازلكم ، فإنها قد نهبت ، فنزلوا عن السور وأخلوه ، ومضوا إلى منازلهم ليدفعوا عنها ، فلما رأى الروم السور خاليا تجاسروا على أن يصعدوه ، وأشرفوا على البلد فرأوا الفتنة فيه ، وأن بعضهم ينهب بعضا ، فنزلوا وفتحوا الأبواب ودخلوا ، [ ص: 141 ] وثلموا السور في عدة مواضع ، ووضعوا في الناس السيف ، فقتلوا كل من لقيهم ، ولم يرفعوا السيف حتى ضجروا ، وكان في البلد ألف ومائتا رجل أسارى الروم فتخلصوا ، وكان سيف الدولة قد أخذ من الروم سبعمائة إنسان ليفادى بهم ، فأخذهم الدمستق ، وسبى من البلد من المسلمين بضعة عشر ألف صبي وصبية ، وأخذ من النساء والسبايا ما أراد ومن خزائن سيف الدولة وأمتعة التجار ما لا يحاط بقيمته ، فلما لم يبق معه ما يحمل عليه أحرق الباقي ، وأخرب المساجد ، وعمد إلى جباب الزيت فصب فيها الماء حتى فاض الزيت وشربته الأرض ، وأقام في البلد تسعة أيام ، وكان معه مائتا ألف رجل فيهم ثلاثون ألفا بالجواشن ، وثلاثون ألفا من صناع الهدم ، وأربعة آلاف بغل عليها حسك حديد يطرحه حول العسكر بالليل ، وخركاهات ملبسة لبودا أحمر لدوابه ، فلما هم أن ينصرف ، قال له ابن أخت الملك: قد فتحنا هذا البلد وقد بقيت القلعة ، فقال: بلغنا ما لم نكن نظنه [فدع القلعة] فسكانها غزاة ، قال: لا بد قال: شأنك ، فصعد فوقع عليه حجر فمات ، فلما أتي به الدمستق أحضر من كان معه من أسارى المسلمين ، وكانوا ألفين ومائتين ، فضرب أعناق الجميع .
وفي رمضان: سقط روشن من دار الوزير أبي محمد المهلبي إلى دجلة ، وكان عليه جماعة من وجوه الدولة ، منهم أبو إسحاق محمد بن أحمد القراريطي فانكسرت فخذه ، فحمل وجبرت فصلحت ، وأما ابن حاجب النعمان فإن نخاع ظهره انقطع ، فحمل على سريره ، فأقام عليلا إلى الجمعة الثانية ومات . [ ص: 142 ]